للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ غَالِبًا حَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ الْخَوَاصُّ وَنَفْيُ التَّرَافُعِ فِيهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَمَا فِي الْمَرْوِيِّ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَنَحْوِهِمَا يَرْجِعُ إلَى الْخَبَرِ بِتَأْوِيلٍ، فَتَأْوِيلُ أُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا مَثَلًا الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ، وَالزِّنَا حَرَامٌ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (وَأَشْهَدُ إنْشَاءً تَضَمَّنَ الْإِخْبَارَ) بِالْمَشْهُودِ بِهِ (لَا مَحْضَ إخْبَارٍ أَوْ إنْشَاءٍ عَلَى الْمُخْتَارِ) ، وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ لِوُجُودِ مَضْمُونِهِ فِي الْخَارِجِ بِهِ وَإِلَى مُتَعَلَّقِهِ.

وَالثَّانِي: إلَى الْمُتَعَلَّقِ فَقَطْ.

وَالثَّالِثُ: إلَى اللَّفْظِ فَقَطْ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ فَلَمْ تَتَوَارَدْ الثَّلَاثَةُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية العطار]

أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ تُسَمَّى شَهَادَةً، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلْزَامٌ وَعَمَلٌ فَأَشَارَ بِتَعْبِيرِهِ بِالْإِمْكَانِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ تَسْمِيَتُهَا شَهَادَةً عَلَى كَوْنِهَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَعْرِيفُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْوَاقِعِ) ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ لَا تَرَافُعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَرْوِيِّ إلَخْ) دُفِعَ لِيُزَادَ عَلَى تَعْرِيفِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّهَا إخْبَارٌ وَبَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ هَذَا فِي كُلِّ إنْشَاءٍ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا إنْشَاءَ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ وَغَيْرَهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَتَأْوِيلُ أَقِيمُوا إلَخْ) أَوْرَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْإِخْبَارِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ الْكَمَالُ الْإِخْبَارُ فِي نَفْسِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ قَالَ النَّبِيُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ: مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ تَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ خَاضَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَغَايَةُ مَا فَرَّقُوا بِهِ الِاخْتِلَافَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخَالُفًا فِي الْحَقِيقَةِ

قَالَ الْعِرَاقِيُّ: أَقَمْت مُدَّةً أَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى ظَفِرْت بِهِ فِي كَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَقَالَ الرِّوَايَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ عَنْ عَامٍّ لَا تَرَافُعَ فِيهِ إلَى الْحُكَّامِ وَخِلَافُهُ الشَّهَادَةُ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الَّتِي يَفْتَرِقَانِ فِيهَا فَكَثِيرَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِجَمْعِهَا وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ: الْأَوَّلُ الْعَدَدُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُنَاسَبَةِ ذَلِكَ أُمُورًا: أَحَدُهَا أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَهَابَةُ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ شَهَادَةِ الزُّورِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ بِالْحَدِيثِ رَاوٍ وَاحِدٌ فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ لَفَاتَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ فَوْتِ حَقِّ وَاحِدٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ.

الثَّالِثُ: أَنَّ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَدَاوَاتٍ تَحْمِلُهُمْ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ الذُّكُورِيَّةُ فِيهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.

الثَّالِثُ: لَا يُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِيهَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا.

الرَّابِعُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبُلُوغُ وَأَوْصَلَهَا إلَى إحْدَى وَعِشْرِينَ ذَكَرَهَا كُلَّهَا السُّيُوطِيّ، وَلَكِنَّ الْبَعْضَ مِنْهَا قَابِلٌ لِلْمُنَاقَشَةِ وَذَكَرَ مِنْهَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إلَّا إذَا احْتَاجَ إلَى مَرْكُوبٍ (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) أَيْ مَعْنًى، وَإِلَّا فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِخْبَارِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مَضْمُونِهِ فِي الْخَارِجِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الشَّهَادَةُ اللَّفْظِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى النُّطْقِ إمَّا أَنْ تُرِيدَ الشَّهَادَةَ الْقَلْبِيَّةَ بِمَعْنَى أَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَتَحَقَّقُهُ فَإِخْبَارٌ قَطْعًا عَلَى أَنَّهُ، وَلَوْ أُرِيدَ اللَّفْظِيَّةُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ شَهَادَةٍ حَاصِلَةٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:، وَهُوَ التَّحْقِيقُ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي لَفْظِ أَشْهَدُ لَا فِي لَفْظِ الْمَشْهُودِ بِهِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُ اللَّفْظِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَتَوَارَدُ إلَخْ) أَيْ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَلَكِنْ يُنَافِيه قَوْلُهُ، وَهُوَ التَّحْقِيقُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا لَا يَكُونُ أَحَدُ الْأَقْوَالِ حَقًّا وَالْآخَرُ بَاطِلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِإِلَّا حَقِيقَةُ أَنَّهُ حَقِيقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>