عَلَيْهِ بِظَنِّهِ، وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ (وَمَنْ أَخَّرَ) الْوَاجِبَ الْمَذْكُورَ بِأَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَثَلًا (مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ) مِنْ الْمَوْتِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَمَاتَ فِيهِ قَبْلَ الْفِعْلِ (فَالصَّحِيحُ) أَنَّهُ (لَا يَعْصِي) ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ جَائِزٌ لَهُ وَالْفَوَاتَ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ: يَعْصِي وَجَوَازُ التَّأْخِيرِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (بِخِلَافِ مَا) أَيْ الْوَاجِبِ الَّذِي
ــ
[حاشية العطار]
لِمَحْذُوفٍ وَلَيْسَ خَبَرًا عَنْ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَبَايِنَانِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ) أَيْ فَتَبَيُّنُ خَطَأِ الظَّنِّ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّضْيِيقِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِهِ وَيُجَابُ مِنْ طَرَفِ الرَّاجِحِ بِمَنْعِ التَّضْيِيقِ بِالظَّنِّ، فَقَدْ قَالَ الْآمِدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ جَمِيعِ الْوَقْتِ وَقْتًا لِلْأَدَاءِ كَمَا كَانَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ مُوجِبًا لِلْعِصْيَانِ بِالتَّأْخِيرِ مُخَالَفَةَ هَذَا الْأَصْلِ وَتَضْيِيقُ الْوَقْتِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّ مَوْتَهُ فِيهِ كَانَ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِيهِ بَعْدَهُ فِي الْوَقْتِ قَضَاءً اهـ.
وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ فَرَضَ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ أَحْرَمَ مَعَ إمَامِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي تَضِيقُ بِظَنِّهِ وَأَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً هَلْ يَأْتِي بِهَا جُمُعَةً أَوْ يُصَلِّي ظُهْرًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى جُمُعَةً وَفِي نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لَهَا، وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَفِي الْقَصْرِ إذَا كَانَ ظَنُّهُ فِي السَّفَرِ وَقُلْنَا فَائِتَةُ السَّفَرِ لَا تُقْضَى فِي السَّفَرِ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ.
(تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا مَضَى مِنْ وَقْتِ الظَّنِّ إلَى حِينِ الْفِعْلِ زَمَنٌ يَسَعُ الْفَرْضَ حَتَّى يَتَّجِهَ الْقَوْلُ بِالْقَضَاءِ أَمَّا إذَا لَمْ يَمْضِ ذَلِكَ وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَشَرَعَ فِيهَا فَلْيَكُنْ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَقَعَ بَعْضُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَ رَكْعَةً فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ وَإِلَّا فَقَضَاءٌ اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ إلَخْ) مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ مُتَدَافِعٌ فِي الشَّكِّ فِي ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَظَنِّ السَّلَامَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُؤَثِّمُ بِالشَّكِّ فِي الْفُرُوعِ. اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَوْتِ) أَيْ مَثَلًا وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمَوْتِ مِنْ مَوَانِعِ الْوُجُوبِ كَالْمَجْنُونِ وَغَلَبَةُ النَّوْمِ مُلْحَقٌ بِالْمَوْتِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: إلَى آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ الْوَقْتِ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلَامَةِ قَالَ سم: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى ظَنِّ السَّلَامَةِ إلَى آخِرِهِ ظَنُّ السَّلَامَةِ إلَى مَا يَسَعُ مِثْلَيْهِ مَثَلًا وَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْقَدْرِ الْمَظْنُونِ مَا يَسَعُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ لِمَ قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ بِمَا إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَذَكَرَهُ اقْتِدَاءً بِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ) أَيْ وَقَبْلَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْهُ، ثُمَّ التَّقْيِيدُ بِالْمَوْتِ زَادَهُ الشَّارِحُ وَأَفْصَحَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَجْلِ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ اهـ نَاصِرٌ.
(قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعْصِي) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ وَإِلَّا فَلَا يَعْصِي قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْآمِدِيُّ فَتَرْجِيحُ عَدَمِ عِصْيَانِهِ إذَا لَمْ يَعْزِمْ ظَاهِرٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَزْمِ، أَمَّا عَلَى مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ وُجُوبِهِ فَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عِصْيَانِهِ، وَأَفَادَ كَلَامُ الشَّارِحِ كَالْمُصَنِّفِ أَنَّ مَحَلَّ الْعِصْيَانِ إذَا رَفَعَ السَّبَبُ الْوُجُوبَ، فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ كَنَوْمٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَامَ فِي الْوَقْتِ إلَى أَنْ خَرَجَ، فَإِنْ ظَنَّ تَيَقُّظَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ لَمْ يَعْصَ وَإِلَّا عَصَى اهـ. زَكَرِيَّا.
(قَوْلُهُ: وَجَوَازُ التَّأْخِيرِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ)