للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالسَّطْحِ الْبَاطِنِ لِلْكُوزِ الْمُمَاسِّ لِلسَّطْحِ الظَّاهِرِ مِنْ الْمَاءِ الْكَائِنِ.

(فِيهِ وَقِيلَ:) هُوَ (بُعْدٌ مَوْجُودٌ يَنْفُذُ فِيهِ الْجِسْمُ) بِنُفُوذِ بُعْدِهِ الْقَائِمِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْبُعْدِ بِحَيْثُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ النُّفُوذِ فِيهِ بُعْدُ الْجِسْمِ (وَقِيلَ:) هُوَ (بُعْدٌ مَفْرُوضٌ) أَيْ يُفْرَضُ فِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ نُفُوذِ بُعْدِ الْجِسْمِ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ الْبُعْدُ الْمَفْرُوضُ (الْخَلَاءُ)

ــ

[حاشية العطار]

الْبَاطِنِيِّ لِلْكُوزِ) قَدْ يَفْهَمُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ وَالْأَخْذُ مِنْ الظَّوَاهِرِ أَنَّ الْمَكَانَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِالْمُتَمَكِّنِ لِمَا أَنَّ السَّطْحَ الْمُلَاقِيَ لِلْمَاءِ مِنْ الْكُوزِ مُحِيطٌ بِهِ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ الْحَالُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ جَالِسٌ فِيهِ وَكَذَلِكَ حَالُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَمَا إذَا عَلَّقْنَا جِسْمًا فِي الْجَوِّ بِنَاءً عَلَى وُقُوفِ فَهْمِهِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْمِثَالُ وَالْحَالُ أَنَّ الْجِسْمَ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ يُحِيطُ بِهِ مَكَانُهُ أَمَّا الْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فَالْأَمْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْحَجَرُ الْمَوْضُوعُ عَلَى الْأَرْضِ مَثَلًا أَوْ الشَّخْصُ الْجَالِسُ فَإِنَّهُ يُحِيطُ بِهِ سَطْحٌ مِنْ الْأَرْضِ وَسُطُوحٌ مِنْ الْهَوَاءِ فَإِنَّ الْهَوَاءَ شَاغِلٌ لِلْفَرَاغَاتِ.

وَأَمَّا الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ وَالْجِسْمُ الْمُعَلَّقُ فِي الْجَوِّ فَقَدْ أَحَاطَ بِهِمَا سُطُوحٌ مِنْ الْهَوَاءِ وَاعْتُبِرَ حَالُ الْحَجَرِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُحِيطُ بِهِ سَطْحٌ مِنْ الْأَرْضِ وَآخَرُ مِنْ الْمَاءِ قَدْ يَكُونُ مَكْشُوفًا فَيُحِيطُ بِهِ سَطْحٌ آخَرُ مِنْ الْهَوَاءِ وَالسَّمَكُ السَّطْحُ الْمُحِيطُ بِهِ مِنْ الْمَاءِ فَإِذَا كُنْت ذَا تَخَيُّلٍ صَحِيحٍ سَهُلَ عَلَيْك مَعْرِفَةُ مَكَانِ كُلِّ جِسْمٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ حِكْمَةِ الْعَيْنِ مَا يُوَضِّحُ هَذَا قَالَ إنَّ الْمَكَانَ قَدْ يَكُونُ سَطْحًا وَاحِدًا كَمَكَانِ الْفَلَكِ وَقَدْ يَكُونُ سُطُوحًا يَتَرَكَّبُ مِنْهَا مَكَانٌ كَالْمَاءِ فِي النَّهْرِ فَإِنَّ مَكَانَهُ مُرَكَّبٌ مِنْ سَطْحَيْنِ أَعْنِي سَطْحَ الْأَرْضِ تَحْتَهُ وَسَطْحَ الْهَوَاءِ فَوْقَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ هَذِهِ السُّطُوحِ مُتَحَرِّكًا وَبَعْضُهَا سَاكِنًا كَالْحَجَرِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْأَرْضِ الْجَارِي عَلَيْهِ الْمَاءُ وَقَدْ يَكُونُ الْحَاوِي أَيْ الْمَكَانُ مُتَحَرِّكًا وَالْمَحْوِيُّ أَيْ الْمُتَمَكِّنُ سَاكِنًا كَحَالِ الْعَنَاصِرِ السَّاكِنَةِ مَعَ الْفَلَكِ وَقَدْ يَكُونَانِ مُتَحَرِّكَيْنِ كَالْأَفْلَاكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: هُوَ بُعْدٌ مَوْجُودٌ) هَذَا رَأْيُ الْحُكَمَاءِ الْإِشْرَاقِيِّينَ وَمِنْهُمْ أَفْلَاطُونُ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ رَأْيُ الْمَشَّائِينَ وَهَذَا الْبُعْدُ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمَادَّةِ أَيْ الْهُيُولِيِّ وَيُسَمَّى بُعْدًا مَفْطُورًا بَالِغًا لِبَدَاهَةِ مَعْرِفَتِهِ حَتَّى كَأَنَّهَا فِطْرِيَّةٌ وَصَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِالْقَافِ وَلَهُ وَجْهٌ أَيْ بُعْدٌ لَهُ أَقْطَارٌ أَيْ أَطْرَافٌ فَهُوَ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمَادَّةِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ وَقَدْ اخْتَارَ هَذَا الْمَذْهَبَ النَّصِيرُ الطُّوسِيُّ قَائِلًا إنَّ الْأَمَارَاتِ تُسَاعِدُ أَنَّ الْمَكَانَ هُوَ الْبُعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِأَنَّ الْمَاءَ فِيمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْإِنَاءِ يَزُولُ وَيُفَارِقُ وَيَحْصُلُ الْهَوَاءُ فِي ذَلِكَ الْبُعْدِ بِعَيْنِهِ وَأَيْضًا إذَا تَوَهَّمْنَا الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَجْسَامِ مَرْفُوعًا غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي الْإِنَاءِ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْبُعْدُ الثَّابِتُ بَيْنَ أَطْرَافِهِ مَوْجُودًا وَذَلِكَ أَيْضًا مَوْجُودٌ عِنْدَمَا يَكُونُ هَذَا مَوْجُودًا مَعَهُ وَأَيْضًا كَوْنُ الْجِسْمِ فِي مَكَان لَيْسَ بِسَطْحِهِ بَلْ بِحَجْمِهِ وَكَمِّيَّتِهِ.

فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِ الْجِسْمُ مُسَاوِيًا لَهُ فَيَكُونُ بُعْدًا وَلِأَنَّ الْمَكَانَ مُسَاوٍ لِلتَّمَكُّنِ وَالْمُتَمَكِّنُ ذُو ثَلَاثَةِ أَقْطَارٍ فَالْمَكَانُ ذُو ثَلَاثَةِ أَقْطَارٍ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَنْطَبِقُ) أَيْ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ بُعْدَ الْجِسْمِ نَافِذٌ لَا مَنْفُوذٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُفْرَضُ فِيهِ مَا ذُكِرَ) لَوْ قَالَ هُوَ بُعْدٌ مَوْهُومٌ لَكَانَ أَوْلَى لِمُوَافَقَةِ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِذَلِكَ وَلِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مَوْجُودٌ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ يُفْرَضُ فِيهِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَوْهُومًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْخَلَاءُ) قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ التَّجْرِيدِ الْخَلَاءُ الْمَكَانُ الْخَالِي عَمَّا يَشْغَلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ بُعْدًا مُجَرَّدًا مَوْجُودًا فَخُلُوُّهُ أَنْ لَا يَنْطَبِقَ عَلَيْهِ بُعْدٌ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ وَإِذَا انْطَبَقَ عَلَيْهِ كَانَ مَلَاءً لَا خَلَاءً وَكَذَا الْحَالُ إنْ كَانَ الْمَكَانُ بُعْدًا مَوْهُومًا إلَّا أَنَّ الِانْطِبَاقَ هَاهُنَا يَكُونُ وَهْمِيًّا وَإِنْ كَانَ سَطْحًا فَخُلُوُّهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي دَاخِلِ تِلْكَ السَّطْحِ مُتَمَكِّنٌ فَإِنْ كَانَ فِي دَاخِلِهِ مَا يَمْلَؤُهُ كَانَ مَلَاءً لَا خَلَاءً وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّ الْخَلَاءَ هُوَ الْمَكَانُ الْخَالِي عَنْ الْمُمْكِنِ فَالْقَائِلُونَ بِالسَّطْحِ لَمْ يُجَوِّزُوا أَنْ يَكُونَ دَاخِلَهُ خَالِيًا عَمَّا يَتَمَكَّنُ فِيهِ وَإِلَّا لَكَانَ الْمَعْدُومُ مَحْصُورًا فِيمَا بَيْنَ أَطْرَافِهِ قَابِلًا لِلِانْقِسَامِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ بَلْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ سُطُوحَ الْأَجْسَامِ مُتَلَاقِيَةٌ مُتَلَازِمَةٌ وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْبُعْدِ الْمَوْجُودِ فَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُهُمْ خُلُوَّهُ عَنْ الشَّاغِلِ وَكَذَا جَوَّزَهُ الْقَائِلُونَ بِالْبُعْدِ الْمَوْهُومِ وَعُرِّفَ الْخَلَاءُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِكَوْنِ الْجِسْمَيْنِ بِحَيْثُ يَتَلَاقَيَانِ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَا يُلَاقِيهِمَا أَصْلًا فَالْخَلَاءُ عِنْدَهُمْ نَفْيٌ مَحْضٌ مَحْصُورٌ فِيمَا بَيْنَ الْأَجْسَامِ فَيَكُونُ بَاطِلًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ لُزُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>