إنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَيَافِيِ أَوْ مَا انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا وَلَوْ مُسْلِمِينَ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ بَلْ (وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَيَفْتَقِرُ إقْطَاعُهُ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَرْبَعِ إلَى حِيَازَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ مَاتَ الْإِمَامُ قَبْلَهَا بَطَلَتْ الْعَطِيَّةُ (إلَّا) أَرْضًا (مَمْلُوكَةً لِمُصَالَحٍ) مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَهُ) أَيْ فَهِيَ لِلْمُصَالَحِ لَا لِلْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَيَرْجِعَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ (وَضُمَّ) فِي الزَّكَاةِ (بَقِيَّةُ عِرْقِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ الزَّمَانِ أَوْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُقْطَعِ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُقْطَعِ أَوْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَإِذَا أَقْطَعَهُ لِمَنْ شَاءَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنٍ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَأْخُذُ الْإِمَامُ مِنْهَا إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ قَالَ الْبَاجِيَّ وَإِذَا أَقْطَعَهُ لِأَحَدٍ فَإِنَّمَا يُقْطِعُهُ لَهُ انْتِفَاعًا لَا تَمْلِيكًا فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَقْطَعَهُ لَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَبِيعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُورَثُ عَمَّنْ أَقْطَعَهُ لَهُ لِأَنَّ مَا لَا يُمْلَكُ لَا يُورَثُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ أَوْ يَجْعَلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ فَيُقِيمُ فِيهِ مَنْ يَعْمَلُ لِلْمُسْلِمِينَ بِأُجْرَةٍ، وَإِذَا جَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْلُوكًا لِمُعَيَّنٍ حَتَّى إنَّهُ يُزَكَّى وَإِنْ أَقْطَعَهُ لِشَخْصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إنْ خَرَجَ مِنْهُ نِصَابٌ عَلَى مَا مَرَّ وَالْمَعْدِنُ لَا يُزَكَّى مُطْلَقًا بَلْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُكْمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْفَيَافِيِ) أَيْ فَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ وَلَوْ كَانَتْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ أَوْ مَا انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا) أَيْ بِغَيْرِ قِتَالٍ بِأَنْ مَاتُوا جَمِيعًا بِغَيْرِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْلِمِينَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ أَهْلُهَا الَّذِينَ انْجَلَوْا عَنْهَا كُفَّارًا بَلْ وَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي انْجَلَى عَنْهَا أَصْحَابُهَا الْمُسْلِمُونَ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَسْقُطُ مِلْكُهُمْ عَنْ أَرَاضِيِهِمْ بِانْجِلَائِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ لَهُمْ وَلِوَرَثَتِهِمْ وَفِي الْمُبَالَغَةِ تَسْمَحُ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا الْمُسْلِمُونَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ) فِيهِ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا تَكُونُ وَقْفًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا مِلْكٌ فَمَا مَعْنَى جَعْلِ الشَّارِحِ لَهَا مَمْلُوكَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمِلْكِ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَقْفَ تُمْلَكُ مَنَافِعُهُ وَإِنْ لَمْ تُمْلَكْ ذَاتُهُ فَأَرْضُ الْعَنْوَةِ لَا تُمْلَكُ ذَاتُهَا وَيَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا كُلُّ مَنْ مَكَّنَهُ مِنْهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَعْدِنُ بِأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ ذَاتُهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ (قَوْلُهُ وَيَفْتَقِرُ إقْطَاعُهُ فِي الْأَرَاضِي الْأَرْبَعِ إلَى حِيَازَةٍ) أَيْ وَيَفْتَقِرُ إقْطَاعُ الْإِمَامِ لِلْمَعْدِنِ إذَا كَانَ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَرْبَعِ إلَى حِيَازَةٍ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ إقْطَاعَاتِ الْإِمَامِ تَفْتَقِرُ لِحِيَازَةٍ وَذَكَرَ فِي المج أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ إمْضَاءَ عَطِيَّةِ تَمِيمٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحُزْهَا فِي حَيَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خُصُوصِيَّةٌ لَهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا لِابْنِ هِنْدِيٍّ مِنْ أَنَّ عَطِيَّةَ الْإِمَامِ لَا تَفْتَقِرُ لِحَوْزٍ فَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ لَمْ تَبْطُلْ وَقَوَّى بْن الْقَوْلَ بِعَدَمِ الِافْتِقَارِ حَيْثُ قَالَ جَعْلُ الْقَوْلِ بِافْتِقَارٍ هُوَ الْمَشْهُورَ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ مَا يُقْطِعُهُ الْإِمَامُ مَا نَصُّهُ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِقْطَاعُ لِحِيَازَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَبِالْأَوَّلِ الْعَمَلُ اهـ فَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ افْتِقَارِهِ لِحِيَازَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِوَاهِبٍ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَلِذَا قَالُوا لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْأَمِيرِ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ إلَّا مَمْلُوكَةً لِمَصَالِحِ) .
الْحَاصِلُ أَنَّ مَوَاضِعَ الْمَعْدِنِ خَمْسَةٌ أَرْضٌ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَالْفَيَافِيِ وَمَا انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا وَأَرْضٌ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ وَأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِمُعَيَّنٍ وَأَرْضِ الصُّلْحِ فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ دَاخِلَةٌ قَبْلَ لَوْ وَالرَّابِعَةُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالْخَامِسَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ. وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمَعْدِنَ الَّذِي يُوجَدُ فِيهَا يَكُونُ لِمَالِكِهَا مُطْلَقًا وَعَلَى مَنْ قَالَ إنْ كَانَ الْمَعْدِنُ عَيْنًا فَلِلْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ الْمُعَيَّنِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لِلْإِمَامِ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ قَدْ يَجِدُهَا شِرَارُ النَّاسِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ لَأَدَّى إلَى الْفِتَنِ وَالْهَرْجِ وَقَوْلُهُ لِمَصَالِحِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَمَفْهُومُ مَمْلُوكَةٍ إلَى مَا وُجِدَ مِنْ الْمَعَادِنِ فِي مَوَاتِ أَرْضِ الصُّلْحِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ فَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ فَمَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْمَعْدِنِ فَهُوَ لَهُ وَلَا يُزَكَّى فَقَوْلُهُ إلَّا مَمْلُوكَةً مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى مِنْ قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ أَيْ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَيَرْجِعَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِزَوَالِ أَحْكَامِ الصُّلْحِ بِالْإِسْلَامِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ إنَّهَا تَبْقَى لَهُ وَلَا تَرْجِعُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْعِرْقَ الْوَاحِدَ مِنْ الْمَعْدِنِ ذَهَبًا كَانَ أَوْ فِضَّةً أَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute