للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ قَهْقَهَةً وَهُوَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ وَهُوَ (فِي الصَّلَاةِ أَعَادَهَا) وُجُوبًا أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا بَطَلَتْ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ عَمْدًا سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً. ج: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِنْ كَانَ ضَحِكُهُ سُرُورًا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ كَمَا إذَا قَرَأَ آيَةً فِيهَا صِفَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَضْحَكُ سُرُورًا وَبِهِ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيته مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالتُّونِسِيِّينَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي السَّهْوِ وَالْغَلَبَةِ يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ فِيهِمَا وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا ثُمَّ يُعِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ وُجُوبًا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدِهِ، وَهَلْ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ أَمْ لَا قَوْلَانِ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَيْضًا كَمَا أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فَقَطْ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَأْمُومُ يُخَالِفُ الْفَذَّ وَالْإِمَامَ فِي حَالَةٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ) الَّذِي ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ (مَعَ إمَامٍ تَمَادَى) مَعَهُ اسْتِحْبَابًا مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ (وَأَعَادَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا أَبَدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَتَمَادَى مُطْلَقًا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ] أَيْ فَلَا تَكُونُ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً بَلْ مُسْتَحَبَّةً، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْفَذُّ أَوْ الْإِمَامُ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَوَائِتِ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ وَقِيلَ يَنْدُبُ، فَلَوْ تَمَادَى عَلَى الْأَوَّلِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، فَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا شَفَعَ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا وَيَتْبَعُ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّةِ كَالْجُمُعَةِ وَالصُّبْحِ وَالْمَقْصُورَةِ.

وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَغْرِبَ كَغَيْرِهَا، أَيْ يَشْفَعُهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَهُوَ غَيْرُ مُعَوِّلٍ عَلَيْهِ بَلْ يُتِمُّهَا مَغْرِبًا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ يَقْطَعُ، أَيْ لَا يَشْفَعُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِاعْتِمَادِ أَبِي الْحَسَنِ لَهُ، فَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ كَمَّلَ مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُكْمِلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَمَّلَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَتَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ يَسِيرًا مِنْ الْفَوَائِتِ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ أَيْضًا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَ تَكْمِيلِ الْمَغْرِبِ أَوْ غَيْرِهَا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ يُعِيدُ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ، أَيْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِيَسِيرِ الْفَوَائِتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الذَّاكِرُ لِلْيَسِيرِ مِنْ الْفَوَائِتِ الْمَأْمُومَ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ ثُمَّ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَلَا فَرْقَ فِي تَمَادِي الْمَأْمُومِ وَإِعَادَةِ مَا هُوَ لَهَا فِي الْوَقْتِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُعِيدُ جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا ظُهْرًا.

[قَوْلُهُ: قَهْقَهَةً] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَمَنْ ضَحِكَ تَفْسِيرُ مُرَادٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الضَّحِكَ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الصَّوْتِ وَهُوَ التَّبَسُّمُ وَبِالصَّوْتِ وَهُوَ الْقَهْقَهَةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ، وَإِلَى كَوْنِهِ يُطْلَقُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ، أَيْ إنَّ الْقَهْقَهَةَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً] وَمُقَابِلُهُ لَا يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَى الْكَلَامِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ضَحِكُهُ سُرُورًا إلَخْ] وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي صِحَّةَ صَلَاتِهِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِعَدَمِ قَصْدِ اللَّعِبِ وَأَقُولُ يَرُدُّ تَعْلِيلَهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ النَّاسِي وَالْمَغْلُوبِ، فَالصَّوَابُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَخَلِيلٍ وَالْمُدَوَّنَةِ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] أَيْ وَعَلَى الْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي السَّهْوِ وَالْغَلَبَةِ يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ فِيهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالسَّهْوِ نِسْيَانُ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا نِسْيَانُ الْحُكْمِ أَوْ نِسْيَانُ كَوْنِ مَا يَفْعَلُ ضَحِكًا فَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ كَالْعَمْدِ.

[قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا] أَيْ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا قَالَ الشَّيْخُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ رُجُوعِهِ مَأْمُومًا مَعَ الْإِعَادَةِ أَبَدًا مُرَاعَاةَ مَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ نِسْيَانًا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ دُونَ الْكَلَامِ النِّسْيَانِ، فَالْجَوَابُ شِدَّةٌ مِنَّا فَإِنَّهَا لِلْخُشُوعِ بِخِلَافِ الْكَلَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَهِدَ عَمْدَهُ فِي الصَّلَاةِ لِإِصْلَاحِهَا.

[قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ إلَخْ] الرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَكُونُ هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ.

[قَوْلُهُ: تَمَادَى مَعَهُ اسْتِحْبَابًا] وَقِيلَ: وُجُوبًا، وَتَمَادِي الْمَأْمُومِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ:

الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَقْدِر عَلَى التَّرْكِ فِي أَثْنَاءِ الضَّحِكِ بَلْ غَلَبَهُ، وَكَذَا نِسْيَانًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ لَمْ يَتَمَادَ.

الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ ضَحْكَةً ابْتِدَاءً عَمْدًا وَإِلَّا لَمْ يَتَمَادَ فِي الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ بَعْدُ.

الثَّالِثِ أَنْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>