للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ (السَّلَامُ) فِي الْمُوَطَّأِ «إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا» وَهُوَ اللَّهُ «حَرَّمَ بَيْعَهَا» . وَنَهَى) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمُوَطَّأِ (عَنْ الْخَلِيطَيْنِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَذَلِكَ) النَّهْيُ الْمَذْكُورُ لَهُ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا (أَنْ يُخْلَطَا عِنْدَ الِانْتِبَاذِ) بِأَنْ يُفْضَخَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ مَثَلًا وَيُخْلَطَا فِي إنَاءٍ يُصَبُّ عَلَيْهِمَا الْمَاءُ (وَ) الثَّانِيَةُ أَنْ يُنْبَذَ هَذَا عَلَى حِدَةٍ وَهَذَا عَلَى حِدَةٍ ثُمَّ يُخْلَطُ (عِنْدَ الشُّرْبِ وَنَهَى عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ) فِيهِ أَيْضًا (عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ) بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَبِالْمَدِّ الْقَرْعُ (وَ) عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي (الْمُزَفَّتِ) بِسُكُونِ الزَّايِ، وَيُرْوَى بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ قِلَالٌ أَوْ ظُرُوفٌ تُزَفَّتُ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ يُسْرِعُ إلَيْهِمَا.

(وَنَهَى عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ (وَالسَّلَامُ) فِي الصَّحِيحِ (عَنْ) أَكْلِ (كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ) ظَاهِرُهُ كَانَ مِمَّا يَعْدُو كَالْأَسَدِ وَالْكَلْبِ أَوْ لَا كَالضَّبِّ. عَبْدُ الْوَهَّابِ هَذَا نَهْيُ كَرَاهَةٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ.

(وَ) نَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ:

قَالَ ك: إنْ أَرَادَ أَيْ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ فِي بَابِ التَّحْرِيمِ وَالْحُكْمِ كَالْخَمْرِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْعِلَّةِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا فِي اللُّغَةِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ اهـ.

وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا. [قَوْله: حَرَّمَ بَيْعَهَا. . . إلَخْ] رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاوِيَةَ خَمْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَا عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا قَالَ: لَا فَسَأَلَهُ إنْسَانٌ إلَى جَنْبِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا» .

[قَوْلُهُ: وَنَهَى عَنْ الْخَلِيطَيْنِ] أَيْ شُرْبِ الْخَلِيطَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ نَهْيَ كَرَاهَةٍ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ طَالَ زَمَنُ الِانْتِبَاذِ، بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُسْكِرَ، أَيْ لَا إنْ قَصُرَ بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِعَدَمِ الْإِسْكَارِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا يَجُوزُ شُرْبُ كُلٍّ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ، وَلَا إنْ جَزَمَ بِالْإِسْكَارِ وَإِلَّا حَرُمَ وَهَذَا بِخِلَافِ خَلْطِ اللَّبَنِ بِالْعَسَلِ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُقْطَعُ بِعَدَمِ إسْكَارِهِ: [قَوْلُهُ: مِنْ الْأَشْرِبَةِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ.

وَأَمَّا الْأُولَى فَلَيْسَ الْخَلِيطَانِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ يُقَالَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ مَآلًا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَحَالًا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ: [قَوْلُهُ: عِنْدَ الِانْتِبَاذِ] أَيْ وَضْعِهِمَا فِي الْإِنَاءِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يُفْضَخَ أَيْ يُهْرَسَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ: [قَوْلُهُ: أَنْ يُنْبَذَ هَذَا عَلَى حِدَةٍ] أَيْ يُوضَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي إنَاءٍ عَلَى حِدَةٍ وَيُصَبَّ عَلَيْهِمَا الْمَاءُ، ثُمَّ يُخْلَطَانِ عِنْدَ الشُّرْبِ. [قَوْلُهُ: عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ. . . إلَخْ] أَيْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَالنَّهْيُ فِي هَاتَيْنِ أَعْنِي الدُّبَّاءَ وَالْمُزَفَّتَ، وَلَوْ كَانَ الْمَنْبُوذُ شَيْئًا وَاحِدًا: [قَوْلُهُ: أَوْ ظُرُوفٌ] عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ فَالْمُرَادُ ظُرُوفٌ غَيْرُ قِلَالٍ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّكْرَ. . . إلَخْ] أَيْ فَمَحَلُّ نَهْيِ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ احْتَمَلَ الْإِسْكَارَ لَا إنْ قَطَعَ بِهِ أَوْ بِعَدَمِهِ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ وَإِلَّا حَرُمَ فِي الْأَوَّلِ وَجَازَ فِي الثَّانِي وَبَقِيَ اثْنَانِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَهُمَا الِانْتِبَاذُ فِي النَّقِيرِ وَهُوَ جِذْعُ النَّخْلِ يُنْقَرُ وَيُجْعَلُ ظَرْفًا كَالْقَصْعَةِ وَالِانْتِبَاذُ فِي الْحَنْتَمِ وَهُوَ مَا طُلِيَ مِنْ الْفَخَّارِ بِالزُّجَاجِ كَالْأَصْحُنِ الْخُضْرِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّهْيَ فِي الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا، وَلَوْ كَانَ الْمَنْبُوذُ شَيْئًا وَاحِدًا وَأَمَّا تَنْبِيذُ شَيْئَيْنِ فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا، وَلَوْ فِي نَحْوِ الصِّينِيِّ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فِي الصَّحِيحِ] أَيْ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، أَيْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ» انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: مِنْ السِّبَاعِ] جَمْعُ سَبُعٍ كُلُّ مَا لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الِافْتِرَاسِ فَخُلَاصَةُ الْحَالِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ أَنَّ السَّبُعَ يُطْلَقُ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا لَهُ نَابٌ يَعْدُو بِهِ وَيَفْتَرِسُ كَالذِّئْبِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ.

وَأَمَّا الثَّعْلَبُ فَلَيْسَ بِسَبُعٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ نَابٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو بِهِ وَلَا يَفْتَرِسُ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ ظَاهِرُهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الَّذِي يَعْدُو وَلَا يَشْمَلُ الضَّبَّ فَالْمُعْتَمَدُ إبَاحَتُهُ. [قَوْلُهُ: كَالْأَسَدِ] أَيْ وَكَالْهِرِّ وَالْفِيلِ وَالذِّئْبِ وَالنِّمْسِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ: [قَوْلُهُ: وَالْكَلْبِ] أَيْ الْكَلْبِ الْإِنْسِيِّ أَيْ فَأَكْلُهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِحُرْمَتِهِ، أَوْ إبَاحَتِهِ وَالْقِرْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>