وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا مُفَرَّعَةً عَلَى مَسْأَلَةِ الْكَعْبِيِّ، وَهُوَ أَنَّ مَا جَازَ تَرْكُهُ لَا يَكُونُ فِعْلُهُ وَاجِبًا، وَالْحَقُّ: خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْكَعْبِيِّ مَا يَجُوزُ تَرْكُهُ، وَالْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ هُنَا لَا يُجَوِّزُ التَّرْكَ، فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهَا عَلَيْهَا.
قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَوَقَعَ لِي مَأْخَذٌ لَطِيفٌ لِمَالِكٍ فِي أَنَّ الشَّرْعَ يُلْزِمُ أَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَنَحْوَهُمَا عِبَادَاتٌ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ، فَلَوْ رَكَعَ إنْسَانٌ، فَتَرَكَ السُّجُودَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا أَلْبَتَّةَ، فَإِذَا شَرَعَ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ، وَيَكُونُ التَّقْوِيمُ عَلَى مُعْتِقِ الْبَعْضِ أَصْلًا فِي هَذَا، فَإِنَّ حَاصِلَهُ إيجَابُ الْإِتْمَامِ عَلَى مَنْ شَرَعَ وَيَكُونُ نَظِيرَ عِتْقِ مُشْكِلٍ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ حَيْثُ قَبْلُ التَّجْزِئَةِ ابْتِدَاءً وَاسْتَقَرَّتْ فِيهِ التَّنَفُّلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِضَرُورَةِ السَّفَرِ، فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِ الْأَرْكَانِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ الْإِتْمَامِ إلَى الْإِيمَاءِ. قُلْتُ: وَهُوَ يَرْجِعُ لِمُنَاسَبَةٍ مُتَدَافِعَةٍ كَمَا تَرَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ احْتَجَّ عَلَى الْمَنْعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] فَإِنَّهُ جَاهِلٌ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ: فَأَكْثَرُهُمْ قَالُوا: لَا تُبْطِلُوهَا بِالرِّيَاءِ وَأَخْلِصُوهَا، وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَقِيلَ: لَا تُبْطِلُوهَا بِالْكَبَائِرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: اللَّفْظُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute