وَاحِدًا، وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: هُمَا سِيَّانِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا وَقَالُوا: فَسَادُ الْوَضْعِ هُوَ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَى الْعِلَّةِ ضِدَّ مَا يَقْتَضِيهِ. وَفَسَادُ الِاعْتِبَارِ هُوَ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَى الْعِلَّةِ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ. (انْتَهَى) . وَقِيلَ: فَسَادُ الْوَضْعِ هُوَ إظْهَارُ كَوْنِ الْوَصْفِ مُلَائِمًا لِنَقِيضِ الْحُكْمِ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ. وَمِنْهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ تَعَدُّدِ الْجِهَاتِ لِتَنَزُّلِهَا مَنْزِلَةَ تَعَدُّدِ الْأَوْصَافِ، وَعَنْ تَرْكِ حُكْمِ الْعِلَّةِ بِمُجَرَّدِ مُلَاءَمَةِ الْوَصْفِ لِلنَّقِيضِ دُونَ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ، إذْ هُوَ عِنْدَ فَرْضِ اتِّحَادِ الْجِهَةِ خُرُوجٌ عَنْ فَسَادِ الْوَضْعِ إلَى الْقَدْحِ فِي الْمُنَاسَبَةِ. وَرُبَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ الْقَاضِي بِتَعْلِيقِ ضِدِّ الْمُقْتَضِي. وَقَالَ إلْكِيَا: هُوَ تَقَدُّمُ الْعِلَّةِ عَلَى مَا يَجِبُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ، كَالْجَمْعِ فِي مَحَلٍّ فَرَّقَ الشَّرْعُ، أَوْ عَلَى الْعَكْسِ.
كَمَا يُقَالُ لِلْحَنَفِيَّةِ: جَمَعْتُمْ فِي مَحَلٍّ فَرَّقَ الشَّرْعُ، إذْ قِسْتُمْ النَّفَقَةَ عَلَى السُّكْنَى فِي وُجُوبِهَا لِلْمَبْتُوتَةِ مَعَ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فَفَرَّقَ وَجَمَعْتُمْ.
وَقَدْ عَدَّ الْقَاضِي هَذَا الِاعْتِرَاضَ مِنْ الْقَطْعِيَّاتِ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: هُوَ يَجْرِي مِنْ الشَّهَادَةِ مَجْرَى فَسَادِ الْأَدَاءِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَيُمْكِنُ إيرَادُهُ عَلَى الطُّرُودِ، وَيَضْطَرُّ بِهِ الْمُعَلِّلُ إلَى إظْهَارِ التَّأْثِيرِ وَإِذَا ظَهَرَ التَّأْثِيرُ بَطَلَ السُّؤَالُ وَهَذَا طَرِيقٌ سَلَكَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَوْرَدَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ. وَيَرِدُ عِنْدَهُ اخْتِلَافُ مَوْضُوعِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ مَبْنِيًّا عَلَى التَّخْفِيفِ، كَالتَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، وَيَكُونُ الْفَرْعُ مَبْنِيًّا عَلَى التَّغْلِيظِ، كَوُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَيَرُومُ الْقَائِسُ أَنْ يُثْبِتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute