مَا يَكُونُ شَرْعًا مُسْتَقِرًّا، كَقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: «كُنَّا نُخْرِجُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» ، الْحَدِيثَ. فَمِثْلُ هَذَا لَا يَسْتَحِيلُ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ خَفَاؤُهُ، فَلَا يُقْبَلُ، كَقَوْلِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى رَوَى لَنَا بَعْضُ عُمُومَتِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَعَلَّ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابِيَّ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الْحُجَّةِ حُمِلَ عَلَى الرَّفْعِ، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ. وَمَا حَكَاهُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ يَعْنِي عَبْدَ الْوَهَّابِ إنَّمَا هُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَصْحَبًا يَخْفَى مِثْلُهُ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى عَمَلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْرِهِ بِهِ، كَقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَنِدُ إلَى عَادَةٍ يَفْعَلُونَهَا فَمُحْتَمَلٌ، حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ يَمْنَعُ الِاحْتِمَالَ، كَأَنْ يُورِدَهُ عَلَى جِهَةِ الِاحْتِجَاجِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ": إنْ أَضَافَ فِعْلَهُمْ إلَى زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِيقَاعُهُ عَلَى وَجْهٍ يُعْلَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَكَرُّرُ وُقُوعِهِ، فَهُوَ حُجَّةٌ لِتَقْرِيرِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَقُولَ كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَلَا يُصَرِّحُ بِعَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهَذِهِ دُونَ الثَّانِيَةِ، لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْعَهْدِ، وَفَوْقَهَا الْإِضَافَةُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute