وَقَوْلِهِ: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: ٣٨] وَلِهَذَا أَجَابَهُ الْكُلُّ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ يَأْتِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي صِيَغِ الْعُمُومِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ التَّأْوِيلَاتِ مِنْ " الْبُرْهَانِ " فِي قَوْلِهِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا» ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ وَالْقَاضِيَانِ أَبُو بَكْرٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ وَالْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: وَيَصْلُحُ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " التَّلْخِيصِ " إلَّا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ عَلَى وَجْهِ الْإِفْرَادِ دُونَ الِاسْتِغْرَاقِ، وَلِهَذَا إذَا قُلْت: أَيُّ الرَّجُلَيْنِ عِنْدَك؟ لَمْ يُجِبْ إلَّا بِذِكْرِ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " وَأَمَّا كَلِمَةُ " أَيِّ " فَقِيلَ: كَالنَّكِرَةِ، لِأَنَّهَا تَصْحَبُهَا لَفْظًا وَمَعْنًى، تَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ فَعَلَ هَذَا، وَأَيُّ دَارٍ؟ قَالَ تَعَالَى: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: ٣٨] وَهِيَ فِي الْمَعْنَى نَكِرَةٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ. انْتَهَى. وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ الْبَدَلِيِّ لَا الشُّمُولِيِّ؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهَا لِلْعُمُومِ الشُّمُولِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ فَصَوَاحِبَاتُهَا طَوَالِقُ، فَقُلْنَ حِضْنَ، وَصَدَّقَهُنَّ، أَنَّهُ تُطْلَقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا وَذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute