للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ - قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ} [هود: ٢٦ - ٣٣] {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: ١٨٧] فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا مُطَابَقَةُ الْجَوَابِ إذَا كَانَتْ " إنَّمَا " لِلْحَصْرِ، لِيَكُونَ مَعْنَاهَا لَا آتِيكُمْ إنَّمَا يَأْتِي بِهِ اللَّهُ، وَلَا أَعْلَمُهَا إنَّمَا يَعْلَمُهَا اللَّهُ، وَقَوْلُهُ: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١] {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: ٤٢] قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ مَجِيئَهَا لِلتَّحْقِيرِ تَقُولُ: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مُحَقِّرًا لِنَفْسِك، وَرَدَّهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١] وَحَكَى ابْنُ بَابْشَاذَ عَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ أَنَّهَا تَجِيءُ لِلتَّعْلِيلِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ: إنَّمَا سِرْت حَتَّى أَدْخُلَهَا أَنَّك إذَا بَيَّتَّ السَّيْرَ وَقِيلَ: تَجِيءُ لِلتَّأْكِيدِ نَحْوُ إنَّمَا الرَّجُلُ زَيْدٌ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا فِيهِ لِلْحَصْرِ الْمَجَازِيِّ، أَوْ بِجَعْلِ الْمَجَازِ فِي الْأَلْفِ وَاللَّامِ الَّتِي فِي الرَّجُلِ بِأَنْ يُسْتَعْمَلَ لِلْكَمَالِ وَيَحْصُرَ الْكَمَالَ فِيهِ.

الثَّانِي: مِنْ الْمَوَاضِعِ فِي سَبَبِ إفَادَتِهَا الْحَصْرَ وَيُعْرَفُ مِنْ أَنَّهَا مُفْرَدَةٌ أَوْ مَرْكَبَةٌ، وَفِيهِ طُرُقٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا لَفْظَةٌ مُفْرَدَةٌ وُضِعَتْ لِلْحَصْرِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَرْكِيبٍ وَمِنْ غَيْرِ وَضْعِهَا لِمَعْنًى، ثُمَّ نَقْلُهَا لِمَعْنَى الْحَصْرِ، وَدَلِيلُهُ أَنَّهَا لِلْحَصْرِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرْكِيبِ وَالنَّقْلِ، وَكَوْنُهَا عَلَى صُورَةٍ " إنَّ " مَعَ " مَا " لَا يَسْتَدْعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>