تَرَّاعَة وَمَنْ طَلَّقَ عَجُوزًا مُنَاقِرَةً فَلَا عَجَبَ وَقَالَ مَا قَطَعَ عَنْ اللَّهِ وَحَمَلَ النَّفْسَ عَلَى مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ الدُّنْيَا الْمَذْمُومَةُ وَإِنْ كَانَ إمْلَاقًا وَفَقْرًا وَمَا أَوْصَلَ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَذَاكَ لَيْسَ بِالدُّنْيَا الْمَذْمُومَةِ وَإِنْ كَانَ إكْثَارًا وَقَالَ الْوَاجِبُ شُكْرُهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ نِعْمَةُ اللَّهِ وَطَرِيقٌ إلَى الْآخِرَةِ وَذَرِيعَةٌ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَكُلُّ خَيْرٍ يَعُودُ بِالْإِفْرَاطِ فِيهِ شَرٌّ، كَالسَّخَاءِ يَعُودُ إسْرَافًا، وَالتَّوَاضُعُ يَعُودُ ذُلًّا، وَالشَّجَاعَةُ تَعُودُ تَهَوُّرًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: ٩٧] قَالَ: الْقَنَاعَةُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَوْ عَلِمْت قَدْرَ الرَّاحَةِ فِي الْقَنَاعَةِ وَالْعِزِّ الَّذِي فِي مَدَارِجِهَا عَلِمْت أَنَّهَا الْعِيشَةُ الطَّيِّبَةُ لِأَنَّ الْقَنُوعَ قَدْ كُفِيَ تَكَلُّبَ طِبَاعِهِ، وَالطَّبْعُ كَالصِّبْيَانِ الرُّعَّنِ وَمَنْ بُلِيَ بِذَلِكَ أَذْهَبَ وَقْتَهُ فِي أَخَسِّ الْمَطَالِبِ وَفَاتَتْهُ الْفَضَائِلُ فَأَصْبَحَ كَمُرَبِّي طِفْلٍ يَتَصَابَى لَهُ وَيَجْتَهِدُ فِي تَسْكِينِ طِبَاعِهِ تَارَةً بِلُعْبَةٍ تُلْهِيهِ وَتَارَةً بِشَهْوَةٍ، وَتَارَةً بِكَلَامِ الْأَطْفَالِ، وَمَنْ كَانَ دَأْبهُ التَّصَابِي مَتَى يَذُوقُ طَعْمَ الرَّاحَةِ، وَمَنْ كَانَ فِي طَبْعِهِ كَذَا فَمَتَى يَسْتَعْمِلُ عَقْلَهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ التَّفْوِيضُ إلَى اللَّهِ كَالصَّبِيِّ حَالَ التَّرْبِيَةِ يُفَوِّضُ أَمْرَهُ إلَى وَالِدَيْهِ وَيَثِقُ بِهِمَا مُسْتَرِيحًا مِنْ كَدِّ التَّخَيُّرِ، فَلَا يَتَخَيَّرُ لِنَفْسِهِ مَعَ تَفْوِيضِهِ إلَى مَنْ يَخْتَارُ لَهُ. الْمُفَوِّضُ وَثِقَ بِالْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَعِنْدِي أَنَّهَا فِي الْجَنَّةِ أَعْنِي الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ لِأَنَّ الطَّيِّبَ الصَّافِي وَالصَّفَاءُ فِي الْجَنَّةِ.
وَقَالَ أَيْضًا مِنْ عَجِيبِ مَا نَقَدْت أَحْوَالَ النَّاسِ كَثْرَةُ مَا نَاحُوا عَلَى خَرَابِ الدِّيَارِ وَمَوْتِ الْأَقَارِبِ وَالْأَسْلَافِ وَالتَّحَسُّرِ عَلَى الْأَرْزَاقِ بِذَمِّ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ، وَذِكْرِ نَكَدِ الْعَيْشِ فِيهِ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْ انْهِدَامِ الْإِسْلَامِ، وَتَشَعُّثِ الْأَدْيَانِ، وَمَوْتِ السُّنَنِ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ، وَارْتِكَابِ الْمَعَاصِي، وَتَقَضِّي الْعُمْرِ فِي الْفَارِغِ الَّذِي لَا يُجْدِي، فَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ نَاحَ عَلَى دِينِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute