في هذين الحديثين: أن من نوى شيئًا من أعمال البر صادقًا من قلبه، أثيب عليه وإن لم يتفق له ذلك.
[١٣٢٣] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ» . رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .
قوله: «من مسِّ القَرَصة» ، أي: قرصة نحو النملة من كل مؤلم ألمًا خفيفًا، سريع الانقضاء، لا يعقب علة ولا سقمًا.
قال العاقولي: القرصُ: الأخذ بأطراف الأصابع. وأدخل عليها أداة الحصر. دفعًا لما يتوهم أنَّ ألمه أعظم من ألمها.
[١٣٢٤] وعن عبد الله بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُموهُمْ فَاصْبِروا؛ وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ» . ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، أهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
قوله: «لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية» . قال ابن بطال: حكمة النهي أنه لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن.
قال الحافظ: وفي الحديث: استحباب الدعاء عند اللقاء، ووصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم، ومراعاة نشاط النفوس لفعل الطاعة، والحث على سلوك الأدب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute