للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه يحصل لهم الظن أنه إنما يغضب لكونه يُدعى بذلك اللقب

المخصوص.

ولهذا فإنهم لو سئلوا عن سبب غضبه، فمما لا شك فيه أنهم

سيعللون ذلك بتلك المناداة، بل إن الصبيان لو علموا أمره فإنهم متى

ما أرادوا إغضابه، فإنهم لا يترددون في دعائه بذلك اللقب الذي

يكون مدعاة لإثارة ذلك الغضب فيه، ولو سئلوا عن السبب لأجابوا

بنفس الجواب أيضاً.

ولولا أن الدوران مفيد لظن العلية لما حصل لهم ذلك الظن، وإذا

ثبت أن الدوران يفيد ظن العلية في مثل هذه الصورة، فإنه يثبت

ذلك الظن في غيرهما؛ لأن الأصل أن يترتب الحكم على المقتضى،

والمقتضى لذلك الظن إنما هو الدوران، وهذا يعني: أن يثبت الظن

حيث ثبت الدوران.

المذهب الثاني: أن الدوران يفيد العلية قطعا.

وهذا مذهب قد حكي عن بعض المعتزلة، وقيل: إنهم إنما قالوا:

إن الدوران يفيد القطع بالعلية عندما وجدوا أن الوصف مناسب كما

هو الشأن في الإسكار الذي دارت معه حرمة عصير العنب.

جوابه:

لا يسلم أن ذلك يفيد العلية قطعاً؛ لأن مناسبة الوصف لا تمنع

الاحتمال، ولا يستلزم العلية، نظراً لجواز أن يكون وصف مناسب

ولا يكون هو العِلَّة بأن لا يعتبره الشارع في تعلق الحكم، ومع

الاحتمال كيف يثبَت الفطع؟!

المذهب الثالث: أن الدوران لا يفيد العلية بمجرده لا قطعا ولا

ظناً.