فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارٍ، سَمِعْتُ الْخُرَاسَانِيَّ، يَقُولُ: مَعَاشِرَ الْحُجَّاجِ، وَوَفْدَ اللَّهِ مِنَ الْحَاضِرِينَ وَالْبَادِينَ، مَنْ وَجَدَ هِمْيَانًا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَرَدَّهُ، أَضْعَفَ اللَّهُ لَهُ الثَّوَابَ.
قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ: يَا خُرَاسَانِيُّ، قَدْ قُلْتُ لَكَ بِالْأَمْسِ وَنَصَحْتُكَ، وَبَلَدُنَا وَاللَّهِ بَلَدٌ فَقِيرٌ، قَلِيلُ الزَّرْعِ وَالضّرْعِ، وَقَدْ قُلْتُ لَكَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَى وَاجِدِهِ مِائَةَ دِينَارٍ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَقَعَ بِيَدِ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَامْتَنَعْتَ {فَقُلْ: لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِنْهَا، فَيَرُدُّهُ عَلَيْكَ، وَيَكُونُ لَهُ فِي الْعَشَرَةِ دَنَانَيرَ سِتْرٌ وَصِيَانَةٌ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْخُرَاسَانِيُّ: لَا نَفْعَلُ، وَلَكِنْ نُحِيلُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ: ثُمَّ افْتَرَقَا.
قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَمَا تَبِعْتُ الشَّيْخَ وَلَا الْخُرَاسَانِيَّ، وَجَلَسْتُ أَكْتُبُ كِتَابَ النَّسَبِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، سَمِعْتُ الْخُرَاسَانِيَّ يُنَادِي ذَلِكَ النِّدَاءَ بِعَيْنِهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ: يَا خُرَاسَانِيُّ، قُلْتُ لَكَ أَوَّلَ أَمْسِ: الْعُشْرُ مِنْهُ، وَقُلْتُ لِلْأَمْسِ: عُشْرُ الْعُشْرِ، عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، أَعْطِهِ دِينَارًا: عُشْرَ عُشْرِ الْعُشْرِ، دِينَارًا وَاحِدًا مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ مِنْ أَلْفٍ} يَشْتَرِي بِنِصْفِ دِينَارٍ قُرَيْبَةً يَسْقِي عَلَيْهَا الْمُقِيمِينَ بِمَكَّةَ بِالْأَجْرِ سَائِرَ نَهَارِهِ، وَبِنِصْفِ دِينَارٍ شَاةً يَحْلِبُهَا، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ لِعِيَالِهِ غَدَاءً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute