للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقدم أن المستثنى يجب نصبه إذا كان الكلام تامًا موجبًا. وأن التام هو: ما ذكر فيه المستثنى منه، وذكر هنا أنه إذا فُقِدَ التمام - بأن لم يذكر المستثنى منه - فإن الاسم الواقع بعد (إلا) يعرب على حسب العوامل قبلها، كما لو كانت (إلا) غير موجودة، وتعرب (إلا) أداة استثناء ملغاة لا عمل لها. نحو: لا يسدي النصيحةَ إلا المخلصون، لا تصاحبْ إلا الأخيارَ. لا يصلح الناسُ إلا بالدين. فـ (المخلصون) في المثال الأول فاعل. و (الأخيار) في المثال الثاني مفعول به. و (الدين) في المثال الثالث مجرور متعلق بالفعل (يصلح) . ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) } (٢) فـ (أمرنا) مبتدأ. و (نا) مضاف إليه و (إلا) أداة استثناء ملغاة (واحدة) خبر المبتدأ مرفوع. وهذا مثال الرفع. والنصب كقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (١) فـ (الحقَّ) مفعول به منصوب للفعل (تقولوا) ، والجر كقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢) فـ (التي) متعلق بالفعل قبله.

ويسمى هذا الاستثناء مفرغاً، لأن ما قبل (إلا) تفرغ للعمل فيما بعدها، كما في الأمثلة.

وشرط الاستثناء المفرغ أن يتقدمه نفي أو شبهه (٣) ، كالاستفهام في قوله تعالى: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} t (٤) فـ (القوم) نائب فاعل. وإنما شُرِطَ ذلك؛ لأن الإثبات يؤدي إلى الاستبعاد، فلو قلت: رأيت إلا خالدًا، لزم منه أنك رأيت جميع الناس إلا خالدًا، وذلك محال عادة نظرًا للظاهر.

قوله: (ويُسْتَثْنَى بـ (غَيْرِ وَسُوىً) خَافِضَيْنِ مُعْرَبَيْنِ بِإعْرَابِ الاسْمِ الَّذِي بَعْدَ (إِلاَّ)) .


(١) سورة النساء، آية: ١٧١.
(٢) سورة العنكبوت، آية: ٤٦.
(٣) انظر: شرح الألفية للمؤلف (١/٤٣٧) .
(٤) سورة الأحقاف، آية: ٣٥.

<<  <   >  >>