فقد اشتهر استعمال (الطوائح) صفة غالبة منقطعة عن موصوفها، والأصل أن تقول (الحادثات الطوائح) . واختلف في تخريجه، فمنهم من قال بصحة الجمع، فالطوائح جمع طائحة من طاح. ومنهم من قال أن الفعل هاهنا رباعي فهو (أطاح) من قولك أطاحه إذا أهلكه وأذهبه، وقياسه أن تقول (مطيحة) وأن تجمع على (المطيحات) تصحيحاً، و (المطاوح) تكسيراً. قال البغدادي في الخزانة (١/٣٠٧) : (يقال أطاحته الطوائح وطوحته، فقياس الجمع أن يكون المطيحات والمطاوح، فإن تكسير مُفعِل مفاعل بحذف إحدى العينين وإبقاء الميم، وتخريج الجمع على حذف الزوائد هو لأبي علي الفارسي، وتخريجه على النسب هو لأبي عمرو الشيباني، فإن تقديره عنده مما تطيحه الحادثات ذوات الطوائح. وقال الشنتمري في شرحه لشواهد الكتاب (وكان ينبغي أن يقول المطاوح لأنه جمع مطيحة، فجمعه على حذف الزيادة، كما قال عز وجل: (أرسلنا الرياح لواقح) ، واحدتها مُلقِحة. وقال المرزوقي في شرح الحماسة (١٥٥٨) : (وكذلك الطوائح قياسه أن يكون إذا عدل عن الجمع بالتاء: مطاوح) .
وباب الأمر في كل ما ذكرناه، ما الذي ساغ جمع (المطيحة) على (مطاوح) تكسيراً والأصل فيه التصحيح بالألف والتاء. وما الذي أباح أن يعدل به عن هذا الأصل؟ أقول الذي صوب هذا هو استعمال (المطاوح) وصفاً، مفرداً عن موصوفه، وإجراؤه مجرى الأسماء، قال الزمخشري في أساس البلاغة (وأطاحته المطاوح، قال.. ومختبط مما تطيح الطوائح أي المطيحات والمطاوح) . فأنت ترى أنه قد أتى به كما اشتهر، صفة منقطعة من موصوفها، جارية مجرى الأسماء، كذلك جاءت الطوائح، كما بينا. أما الذي أجاز بقاء (المطيحة) على بابه في جمعه على (المطيحات) أنه قد استمر ينم على معنى الصفة التي بني عليها، فصح فيه جمع الصفات.