للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن المشرع قد غطى بها كل حالاتها ودل بذلك على عقلية تقنينية واعية. وجعلت التشريعات للزوج حق الوصية أو الهبة لزوجته دون اعتراض من أبنائه، وسمحت لها بأن تتنازل عن جزء من هذه الهبة لأولادها، ولكن دون الغرباء "١٥٠"، واعترفت بحقها في أن تلزم بيت زوجها المتوفى إلا إذا أرادت أن تتركه لتتزوج وحينذاك يكون لها حق الخروج ببائنتها دون هدايا عرسها "١٧٢". وقضى المشرع على من اتهم سيدة بسوء السلوك دون بينة أكيدة، بحلق نصف شعره في ساحة القضاء تشهيرًا بافترائه عليها "١٢٧" فإذا اتهمها زوجها ولم يقدم بينة واضحة على فجورها، كفاها أن تقسم على طهرها أمام معبودها وتعود إلى دار زوجها "١٣١" وهو ما أقرت الشريعة الإسلامية بما يشبهه مع تجديدات تتفق مع روح دينها.

وفي مقابل هذه الضمانات الواسعة التي كفلتها التشريعات للزوجة، ألزمت الزوجة بواجبات زوجها وبيتها، بحيث إذا شكاها زوجها أمام مجلس المدينة وتبين أعضاؤه إهمالها لواجباتها الزوجية حرموها من بائنتها وسمحوا لزوجها بأن يتزوج عليها ويستبقيها في داره إن شاء ويلزمها بخدمته "١٤١". فإن تبينوا نشوزها وإضرارها بزوجها ألقوا بها في النهر "١٤٣"، فإن ثبت عليها الزنا أمروا بتقييدها هي ومن زنى بها وإلقائهما في النهر، إلا إذا عفا عنها زوجها وعفا الملك عن عشيقها "١٢٩". فإذا تآمرت زوجة على قتل زوجها من أجل عشيقها، أعدمت على الخازوق "١٥٣".

وفصلت التشريعات صلات الأولاد بأبويهم وحقوقهم في المواريث. فجعلت من حق كل ولد على أبيه أن يعينه بمهر يتزوج به، فإن مات الوالد دون أن يتزوج أحد أبنائه، أفرد له إخوته قيمة مهر تناسب ثروة أبيه قبل أن يقتسموا ميراثه "١٦٦". وكفلت نفس الأمر بالنسبة للابنة وبائنتها ... ، بحيث إذا مات أب دون أن يزوج ابنته ودون أن يخصص لها بائنة مسجلة أفرد لها إخوتها بائنة مناسبة من ميراثه "١٧٨ - ١٧٩". وقيدت حق الوالد في حرمان ولده بحكم القضاء في مدى عصيانه، فإن أدانوه أنذروه، فإن لم يرتدع وافقوا على حرمانه، وإن تبينوا براءته حموه في أبيه "١٦٨ - ١٦٩". وجعلت للأبناء الذكور حصصًا متساوية في ميراث أبيهم١ وبائنة أمهم، إلا إذا أوصى الأب لولده البكر بوصية "١٦٥". وجعلت للابنة العذراء المترهبة حق استغلال ما يعادل ثلث نصيب أخيها على أن تبقى الرقبة لإخوتها ولا يحق لها أن تتصرف فيها "١٨١. واستثنت من ذلك من ترهبت في معبد مردوك رب بابل فسمحت لها بأن تستغل حصتها كما تشاء، وتهبها لمن تشاء بشرط ألا ترث حقوقًا إقطاعية، حتى لا تنتقل إلى أسرة غير أسرتها "١٨٢".

وألحقت التشريعات الأبناء بخير الأبوين، فنصت على أنه إذا تزوج عبد بحرة احتفظ أولادها بحريتهم، فإذا مات عنها زوجها استردت بائنتها، وإذا كانت ذات لد قاسمت مولى زوجها المقتنيات التي شاركت زوجها فيها بعد زواجها به، واحتفظت بنصفها من أجل أولادها "١٧٥ و١٧٦". وسمحت التشريعات


١ من لوحات تقسيم المواريث الفعلية في عهد حمواربي لوحة قيل فيها: قسم نور شمش، وإيليما أخي، وبالاطوم، وهو موروم، ميراث أبيهم، ولا يحق لأحدهم أن يدعي على الآخر بشيء. وأقسموا "على ذلك بالآلهة" شمش وإيا ومردوك "والملك" حمورابي. ثم شهد على الاتفاق أربعة شهود، وأرخ بعام نهير حمواربي، وهو العام التاسع من حكمه.
See, Anet, ٢١٨.

<<  <   >  >>