للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق آخر أتم منه: أخرج ابن أبي حاتم١ أيضا من طريق ابن إسحاق٢ حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أنه حدثه عن ابن عباس قال: دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد من اليهود أناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر يقال له أشيع. فقال له أبو بكر: ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء من عند الله بالحق تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل. فقال فنحاص: والله يا أبا بكر ما لنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه الأغنياء، ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا، ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا! فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله فاكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين.

فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أبصر ما صنع بي صاحبك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "ما حملك على ما صنعت؟ " فقال: يا رسول الله إن عدو الله قال قولا عظيما يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فغضبت لله مما قال، فضربت وجهه. فقال فنحاص: ما قلت ذلك فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص ردا عليه وتصديقا لأبي بكر: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} الآية". وأخرجه ابن المنذر من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بطوله بغير سند لابن إسحاق وزاد في آخره: ونزل في أبي بكر وغضبه من ذلك: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيرًا} إلى قوله: {مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ٣.


١ ومن قبله الطبري "٧/ ٤٤١-٤٤٢" "٨٣٠٠".
٢ انظر "سيرة ابن هشام" "١/ ٥٥٨-٥٥٩".
٣ الآية: "١٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>