أبوابهم، ويسألهم عن نقداتهم، وتواريخ تصحيحاتهم، ويلمح الروزات التي عساها تكون بأيديهم، ويسلك معهم مسلك التحقيق والإنصاف، ويعدل بهم عما كانوا من العنف والإجحاف، ويوطِّئ لهم أكنافه، ويليِّن أعطافه، ويحسن إليهم بمداراتهم واحتمالهم، وسعة الصدر اسماع أحاديثهم وأقوالهم، فالضجور الطائش لا يبلغ غرضاً، وسوء الخلق من الأمراض، وكفى به مرضًا، ولو كان العبوس جمالاً، لكان عبئًا ثقيلاً، ولو كان البشر إنساناً لكان حسناً جميلاً.
ثم يشرع في تخريج جرائد البذور والتقاوى والفروض من ارتفاع سنة كذا الخرجية، وما قبلها ليستوفي منها ي القسمة ما يساعد الحاصل عليه، ويغضي النظر في مصلحة العمل إليه؛ وليكن مهيمناً على كافة العمال، ومطالبًا لهم بما يتكمَّل عندهم من الحقوق والأموال، ويلتمس منهم حساب المعاملة /١١٩ أ/ إلَّا إلى قلمه وعقله وفكره؛ فالمثل السائر: ما حكَّ جلد المرء كظفره، ومن استعان باليد الغريبة عرّض نفسه للخطر، ومن سلَّم زمامه إلى غيره فقد ركب الغرر، أيّ غرر.
وليلازم ديوان المعاملة زمانه كلّه، وليوطن نفيه على أن يحمل ثقل العمل وكلَّه، فمن تعب استراح، وإنما يحمد السَّير عند الصباح، وليطالع المخزن المعمور بالمتجددات في أوقاتها، فتأخر المصالح سبب فواتها، وأهم ما يؤمر به وإن كان كلّه مهمًا وأوجب ما يلزمه وإن كان جميعه واجباً وحتماً ما هو دأبه وعادته وطريقته المألوفة، وقاعدته من التقمص بجلباب الأمانة، التي هي أجمل الخلال الحميدة شعاراً، وأعلاها مناراً، وأحمدها إيراداً وإصداراً.
فالغنيُّ على الحقيقة هو القانع، وإنًّما تقطع أعناق الرجال المطامع، ومن كان أمير نفسه، فهو الأمير، ومن لم يغنه القليل لم