في دولة السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبي المظفر يوسف بن محمد بن غازي بن يوسف – خلَّد الله ملكه - وقبله لأبيه الملك العزيز، وجدِّه الملك الظاهر / ٢٠٢ ب/ - رحمهما الله تعالى -
وذكر لي أنَّه حفظ القران العزيز، وسمع شيئاً من الحديث على أبي حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي، وأخذ طرفاً من علم العربية على الشيخ أبي الحرم مكي بن ريان الماكسي النحوي حين ورد حلب، وقال شعراً سهلاً كتابياً، وترسل ترسلاً فاق به على كتاب زمانه، واستظهر كثيراً من الأشعار؛ وله يد في حلّ التراجع والغوص على معانيها وكشف مشكلاتها، والبديهة الحاضرة في إنشاء الرسائل. وربّما أنشأ الرسالة في المعنى المقترح عليه إرتجالاً من غير روية كأنه يحفظها من قبل وذلك لذكائه المفرط، وفطرته السليمة.
ثم إنَّه من المتمولين وذوي اليسار وأرباب النعم وعنده تواضع وحسن محاضرةٍ وفكاهة.
ومما أنشدني لنفسه من حفظة يهنئ السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن غازي - رحمة الله تعالى -بالصوم: [من الكامل].
/٢٠٣ أ/ إسعد بأيَّام الصَّيام وشهره ... وأبشر بأنفس مغنم من أجره
يا مالكاً شرفت بنا أقدارنا ... لما أستكانت بالخضوع لقدره
لازلت فيه حائزاً ما رمته ... من صنع الطاف الإله وبره
تنمى لك الحسنات مثل هلاله ... وترى محاق السَّيَّئات كبدره
ويزيد قدرك رفعة تسمو على الأ ... قدار فينا مثل ليلة قدره
وختمته بسعادة توفي بشا ... ئرها على البشرى بموسم فطره
وأنشدني لنفسه ما كتبة إلى بعض من أهدى إليه تفاحا، ثم أنقذ له بعد ذلك رماناً: [من الطويل]
أيا ماجداً فاق الورى كلَّهم مجداً ... وأهدى إلى عافية أنفس ما يهدى
أراك توخَّاني ببرَّك عامداً ... وتبعث لي ما يبعث الشُّكر والحمدا
منحت خدوداً ثم أرسلت بعدها ... نهوداً فواها لو بعثت لها قدَّا