للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المأمون تقدم إلى ذي الرياستين بأن تجمع حروف قلم النصف، ويباعد بين سطوره ففعل ذلك، وسمي الرياسي، فصارت المكاتبة عن السلطان بقلم النصف الرياسي، والمكاتبة إليهم بخفيفهما، والمكاتبة من الوزير إلى العمال بقلم الثلث، ومن العمال إليهم بصغيره، وكتب الوزير إلى السلطان بقلم المنثور عوضاً عن مفتح الشامي، وبصغير المنثور وسميا قلم المؤامرات وقلم الرقاع، وهو دون صغير الثلث للحوائج والظلامات والجوامع التي تعرض على السلطان، وقلم الحلية وعيار الحلية وصغيرهما للأسرار، والكتب التي تنفذ على أجنحة الأطيار. وأكثر أهل هذا الزمان لا يعرفون هذه الأقلام، ولا يدرون ترتيبها، وليس في أيديهم منها في هذا الوقت إلا قلم المؤامرات، وصغير الثلث، وقلم الرقاع وقد اقتصر كل كاتب على ما وقف عليه خطه من صغر أو كبر، أو ضعف أو قوة، أو وخامة أو حلاوة، كاقتصارهم في سائر أمورهم على البخوت والحظوظ، فهذا ما يحتاج إليه المحرر.

ثم إن في الكتاب أشياء من باب اللغة ينبغي أن نذكرها، لأن الكاتب غير مستغن عن ملها، فمنها قولهم: مددت الدوات، إذا خلطت فيها مداداً، كما قال الله - سبحانه -: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}، أمددتها: إذا زدتها مداداً، فإذا أمرت من مددت قلت: مد الدواة، ومن أمددت: أمدد وأمد، وتقول: ألقت الدواة فأنا أليقها

<<  <   >  >>