للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأعزه الله، ونحو هذا، حتى كان أول من غير هذا ورتب فيه الترتيب الذي اقتفى أثره، وجعل سنة من بعده أبو أيوب - رحمه الله - فإنه قال:

إذا قلت أمير المؤمنين أعزه الله، أو أكبره الله، أو أيده الله، فإنه قيل له عزيزاً، والله قد أكرمه بخلافته، ولربما ينبغي أن تسأله له إدامة ما وهب له، فتقول أدام الله تأييده وعزه وكرامته. واستحسن الناس ذلك من قوله، وأخذوا به من بعده، ورتبوا الدعاء على ما رتبه، فجعلوا أطال الله بقاءك أول الدعاء، لأن أول ما يسأل الله - عز وجل - الإنسان البقاء، فمن كانت رتبته عالية كانت مكاتبته أطال الله بقاءه، ومن كانت مرتبته دون ذلك كانت مكاتبته بـ "مد الله في عزك"، ومن كانت مرتبته دون ذلك كانت مكاتبته بـ أبقاك الله. وإنما صارت أبقاك الله دون ما تقدمها لأنه يسأل له بقاء قل أو كثر، فصارت مد الله في عمرك أكثر من ذلك، لأنه قد سأله أن يمد له في ذلك، وقد يمد مداً لا يطيله، فإذا سأله أن يطيل بقاءه فقد سأله أكثر ما يسأل في البقاء. ثم يلي ذلك بأدام عزه لمن مرتبته عالية، وبأعزه الله لمن مرتبته دون ذلك، وجعل الإنسان العز تالياً للبقاء، لأن أول ما ينبغي أن يسأل الله - عز وجل - للإنسان بعد البقاء العز، ولذلك قيل: الموت في قوة وعز، خير من الحياة في ذل وعجز. فإن كان المكاتب من أهل العز، فإنما ينبغي أن يسأل الله - عز وجل - أن يديم له ما منحه منه، وإن كان من غيرهم جعل مكان أدام عزه أعزه، ثم يلي ذلك بالتأييد على هذا الترتيب، وجعل السلطان وحده أولياءه الذين يحتاجون إلى التأييد ويقع لأمثالهم، ولا يجعل لغيرهم، وأسقط من مكابتات النساء وإن جل محلهن، ومن مكاتبات أهل الذمة؛ لأن التأييد من الله - عز وجل - لا يقع لأمثالهم.

ثم يلي ذلك بالكرامة والسعادة، ثم النعمة والزيادة في الإحسان وتتابع الآلاء، وجميل البلاء، وجزيل القسم والمواهب، ويستعمل

<<  <   >  >>