عرا الإيمان الحب في الله - عز وجل - والبغض فيه"، والذي تخال به مودة ذي العصمة ألا يرى أخاه مفارقاً لما جمعهما عليه الدين في سر وعلانية.
وأما المودة للمنفعة في الدنيا فتتأكد بتأكد الأسباب الموجهة لها، ويزيد فيها الإحسان والإفضال، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها" وينمي ذلك ويزيد في البشر والطلاقة والكلمة الطيبة، فإنه يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم لم تسعوا للناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم".
وفي حديث آخر "بالبشر وطلاقة الوجوه"، وقد قال الله - عز وجل -: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}.
وقال أمير المؤمنين - عليه السلام -: "من لانت كلمته وجبت محبته" والذي يجوز به الإنسان هذه المودة ممن يرومها منه هو أن يرى الله مواسياً بما يقدر عليه، فقد قال أرسطاطاليس: "ليس مع الإيثار بغضة، ولا مع الاستكثار محبة"، وأن يكون متابعاً له فيما يقوده إليه، فإن الخلاف أذى، والأذى مخالف للهوى، وقد قال الشاعر:
(يُحَبُّ ويُدنَيِ مَن يَقلُّ خِلافُهُ ... وليس بمحمودٍ حبيبٌ مُخالِفُ)
وقال آخر فأحسن:
(فإني رأيت الحبَّ في الصدرِ والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبُّ يَذهَبُ)