إذا كثر هان، ومن العدل إذا أذنب صديقك إليك أن تفحص عن مخرته فإن كان أتاه من غير تعمد له اغتفرته وتناسيته، ولم تعاتبه على ارتكابه، بل تنبهه على موضع خطئه ليحترس من معاودة مثله، وإن وجدته قد أتى ذلك عامداً، وكان من الأمور التي يصير بالمودة والإخاء احتمالها احتملتها وصفحت عنها، وإن كان ممن إذا أغضى على مثله عاد بالضرر وقبح فيه الخبر، عاتبته عليه غير مهتبل لزلته، ولا مغتم لصرعته فإن اعتذر بما يوجب حجة قبلته فأفلته، وإن اعترف وسأل الصفح صفحت عنه، فإن المقدرة توجب المغفرة، والتوبة تمحو الحوبة، والاعتراف يزيل الاقتراف، وقد قال الشاعر:
وعلى هذا الترتيب رتب الله - عز وجل - عباده في ذنوبهم، فعفا عن الخطأ، وما جرى على غير تعمد، وعفا عن صغائر ما اعتمده، وتجاوز عن الكبائر، مع الندم والتوبة، وعذب على الإصرار على ما يعود العفو عنه بالإضرار، وإذا كنت معتذراً أو متنصلاً فلا تعتذر إلا إلى من تحب أن يجد لك عذراً، ولا تعتذر إلى ممتحن أو متعنت، فإن الاعتذار إلى هذين الصنفين ضائع، ولا تخلط الاعتذار إذا وجب أن تعتذر بالاحتجاج فإن ذلك يدل على مقامك على الذنب، لأنك ليس تحتج إلا فيما لا ذنب لك فيه، وليس هذا موقف التنصل والاعتذار، وإنما هو موقف النفح