للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بتأديبهم وأمرهم، وبحثهم والأخذ على أيدي سفهائهم، وأقام الأئمة في ذلك بعد الأنبياء مقامهم وقال: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ}.

فجعل الأمر والنهي باللسان لذوي العقول والأبصار، ومن يردعهم الحياء عن مقارفة ما لا يليق بذوي الأخطار، وجعل السوط لمن لا ينفعه الزجر من شراب الخمور، ومرتكبي الفجور، وجعل السيف لمن لا يقنع في تأديبه بالسوط من المتقاتلين، والبغاة والمارقين: وكل ذلك أمرٌ بالمعروف ونهي عن المنكر، وقد روي "من رأى منكم منكراً فلينكره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وليس من العدل عند ذوي العقول أن يصلح الإنسان غيره، وهو غير صالح في نفسه، ويقوم أخلاق الناس بقوله وفعله، وهو غير مقوم في خلقه، وإنما ينبغي أن يبتدئ بنفسه فيحملها على ما يريد إحلاء الناس به، فإنها أقرب إليه، وأولى بنصيحته، فإذا انقادت به أخذ في إصلاح عيوب غيره، ومن ذلك قول الله - عز وجل -: {أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ}.

وقال المسيح - عليه السلام -:

"ما بالك ترى القذاة في عين أخيك، ولا ترى السارية التي في عينك،

<<  <   >  >>