ليست الجواب قطعاَ، وإنما هي رابطة الجواب، فثم مضاف محذوف ترك لظهور المراد.
«وإضمار (كان) الناقصة قبل الفاء أولى من [إضمار] التامة»، فتقدير: إن كان في عملهم خير أولى من تقدير: إن كان خير، وإن كان اقل؛ لان (كان) التامة قليلة الاستعمال، ولا يحذف إلا كثير الاستعمال للتخفيف، ولتكون الشهرة دالة على المحذوف، وأيضًا فيضعف تقديرها من جهة أن الكلام معها يصير كأنه أجنبي عن الأول، والمعنى على تعلقه به.
وقد ظهر ما تقدم أن في مسألة:(إن خيرًا فخير) أربعة أوجه: رفعهما، ونصبهما، والمغايرة في الإعراب بينهما، وهى صادقة بصورتين:
قال الصفار: أحسن الأوجه نصب بعده رفع، ثم رفعهما - يعني لأنك حذفت عين ما أثبت - ثم نصبهما، ثم عكس الأول. وذكر السبب المقتضي لذلك ولا يخفى عليك إذا تأملت ما تقدم، ثم قال:
وكان الشلوبين يسوّي رفعهما ونصبهماحلأن قبح رفع الأول يقابله حسن رفع الثاني، وحسن نصب الأول يقابله قبح نصب الثاني، فيتكافآن، وهو باطل؛ لأنك إذا نظرت إلى الأحسنين رأيت رفع الثاني خيراَ من نصب الأول؛ لاستوائهما في الإضمار، ورجحان رفع الثاني بأنك أضمرت نفس ما أظهرت، وإذا نظرت إلى الإضمار، ورجحان رفع الثاني بأنك أضمرت نفس ما أظهرت، وإذا نظرت إلى الأقبحين رأيت نصب الثاني أقبح من رفع الأول؛ لاستوائهما في الإضمار، وضعف نصب الثاني بأنك أضمرت جملة، وفي رفع الأول بم تضمر جملة، ويوضحه أن سيبويه وصف رفعهما بأنه أحسن، ولم يصف بذلك نصبهما.