قلت: الإخبار - حينئذ - لا يكون بالظرف، بل بتلك الصفة، وحينئذ لا يجوز حذفها إلا عند وجود دليل لفظي أو معنوي؛ لأن الإخبار بالظرف هو الإخبار بالكون، والاستقرار في ذلك الظرف، لأن هذا المعنى ملازم للظرفية؛ إذ من كان في الدار فلابد أن يكون كائنًا فيها، أي: مستقرًا حاصلًا، وأما ما زدا على ذلك من الخصوصيات فلا يجوز حذفه ألبته وإقامة الظرف مقامه، فلو قلت: زيد فيك - وأنت تريد (راغب) لم يجز أصلًا؛ لأن الظرف لا دلالة له إلا على مطلق الكون، أما ما وراء ذلك فلا يدل عليه، فلا يقوم مقامه.
[فإن] قيل: الظرف أيضًا يدل على الوجود، فأجيز: زيد يوم الجمعة، أي موجود.
قلنا: لا يجوز [أيضا]؛ لأنه كما يجوز أن يريد (موجود)، يجوز أن يريد (معدوم) في ذلك اليوم، وإذا احتمل لم يجز الاكتفاء بالظرف، فليس المحذوف - أبدًا مع الظرف - إلا الكون فقط. انتهى كلامه.
فإن قلت: فيه دليل على أن الظرف لا يعمل فيه إلا الكون المطلق، كما وقع في عبارة ابن هشام التي وجه بها كلام [ابن] الدهان فيما سبق.
قلت: ليس الأمر كذلك، بل فيه تصريح بأن الكون الخاص يعمل فيه، ولا يحذف إلا لدليل، وإنما أراد أن الظرف لا يكون قائمًا مقام المحذوف، إلا إذا كان كونًا مطلقًا، وأما إذا كان خاصًا فلا يقوم مقامه؛ لأنه لا يعمل فيه، ولا يحذف إلا عند قيام القرينة كما يظهر من كلامه، إذا تأملت.
«فإن وقع» اسم المعنى «في جميعه» أي جميع الظرف نحو: {وحمله وفصله