ورود الإذن ثم يجتهدون في أن لا يتكلموا إلا بالحق والصواب، هذا مبالغة في وصفهم بالطاعة، وثانيهما: أن التقدير: لا يتكلمون إلا في شخص أذن له الرحمن في شفاعته، والمشفوع له ممن قال صواباً، وهو قول من قال: لا إله إلا الله؛ لأن قوله:{صَوَابًا} يكفي في صدقه أن يتكلم بالصواب الواحد، فكيف بمن تكلم طول عمره بأشرف الكلمات؟ .
قوله:(وخُصِّص منه الكافر)، يحتمل وجهين، أحدهما: أن المرء عام وخصص منه الكافر بقوله: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ}، أو عام متناول للمؤمن والكافر، وخصص منه بالذكر الكافر، وعلى هذا الاحتمال ورد عن الواحدي ومحيي السنة قالا:"ومعنى {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أن كل واحد يرى عمله في ذلك اليوم، ما قدم من خير وشر مُثبتاً عليه في صحيفته، فيرجو ثواب الله لى صالح عمله، ويخاف العقاب على سوء عمله". وقلت: النظم يساعد العموم، وذلك أنه تعالى ذكر في فاتحة هذه السورة، أن الميقات المضروب هو يوم الفصل، ووصف اليوم بصفات متعددة، ومن أوصافه قوله:{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (لِّلطَّاغِينَ مَآبًا} وقوله: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا}. ولما فرغ من بيان جزاء الفريقين، أراد أن يرجع إلى ذكر ذلك اليوم ويصفه بصفات أخرى، فجعل التخلص إلى ذكرها إبدال رب السموات