متعلق بـ {لا تَتَّخِذُوا}، بمعنى: لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي. وقول النحويين في مثله: هو شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه.
و{تُسِرُّونَ} استئناف، ومعناه: أي طائل لكم في إسراركم، وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي لا تفاوت بينهما، وأنا مطلع رسولي على ما تسرون.
{ومَن يَفْعَلْهُ} ومن يفعل هذا الإسرار فقد أخطأ طريق الحق والصواب. وقرأ الجحدري:(لما جاءكم) أي: كفروا لأجل ما جاءكم، بمعى: أن ما كان يجب أن يكون سبب إيمانهم جعلوه سببًا لكفرهم.
{إن يَثْقَفُوكُمْ} إن يظفروا بكم ويتمكنوا منكم {يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً}
قوله:(وقول النحويين في مثله: هو شرط)، إشارة إلى التفاوت بين قولهم وقوله:" {إن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ} متعلق بـ {لا تَتَّخِذُوا} "يعني جوابه محذوف غير منوي، وقد جعل تتميمًا للكلام السابق ومبالغة فيه، كما قال:"لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي"، ولو قيل: إن كنتم أوليائي لا تتولوا أعدائي لم يكن بذاك، لأن الشرط في الأول كالتعليل للنهي، وهو يقتضي حصول مضمونه قبل ذلك، وفي الثاني لمجرد التعليق، يدل عليه قوله في قوله تعالى:{إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء: ٥١]: "وهو من الشرط الذي يجيء به المدل بأمره، المتحقق لصحته، وهم كانوا متحققين أنهم كانوا أول المؤمنين".
فإن قلت: ما محله؟
قلت: هو حال من فاعل: {لا تَتَّخِذُوا} أي: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} والحال حال خروجكم في سبيل الله وابتغائكم مرضات الله، ألا ترى إلى قوله في قوله تعالى:{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} إلى قوله: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ}[القلم: ١٠ - ١٤] على قراءة: (إن) بالكسر: "أي: لا تطع كل حلاف شارطاُ يساره، لأنه إذا أطاع كافرًا لغناه، فكأنه اشترط في الطاعة الغنى"، كيف صرح بالشرط وأبرزه في معرض الحال والتعليل.
قوله:({إن يَثْقَفُوكُمْ} إن يظفروا بكم)، الراغب، الثقف: الحذق في إدراك الشيء وفعله،