لقذف الله الرعب في قلوبهم، وأن تأييد الله تعالى ونصرته معكم. وقرئ:(جدر) بالتخفيف، و (جدار)، و (جدر)، و (جدر)، وهما: الجدار.
{بَاسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} يعني أن البأس الشديد الذي يوصفون به إنما هو بينهم إذا اقتتلوا؛ ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدة؛ لأن الشجاع يجبن، والعزيز يذل عند محاربة الله ورسوله. {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا} مجتمعين ذوي ألفة واتحاد، {وقُلُوبُهُمْ شَتَّى} متفرقة لا ألفة بينها، يعني: أن بينهم إحنًا وعداوات، فلا يتعاضدون حق التعاضد، ولا يرمون عن قوس واحدة. وهذا تجسير للمؤمنين وتشجيع لقلوبهم على قتالهم. {قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم ويعين على أرواحهم.
{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي مثلهم كمثل أهل بدر في زمان قريب.
قوله: (و"جدار" ز"جدر")، ابن كثير وأبو عمرو:"جدار" بكسر الجيم وفتح الدال وألف، وأمال أبو عمرو فتحة الدال، والباقون:{جُدُرٍ} بضم الجيم والدال.
وقال ابن جني: قرأ أبو رجاء وأبو حية: جدر، بضم الجيم وإسكان الدال.
وقال الزجاج: فمن قرأ {جُدُرٍ} فهو جمع جدار، مثل: حمار وحمر، ومن قرأ بتسكين الدال: حذف الضمة لثقلها، كصحف وصحف، ومن قرأ "جدار" فهو الواحد.
قوله:({قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم، ويعين على أرواحهم)، أي: على توهين أرواحهم وفسادها، لأن القلب مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ثم يسري منه الفساد إلى الروح.