ومعنى الدولة الجاهلية: أن الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة لأنهم أهل الرياسة والدولة والغلبة، وكانوا يقولون:" من عزبز". والمعنى: كيلا يكون أخذخ غلبة وأثرة جاهلية. ومنه قول الحسن: اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله دولا، يريد: من غلب منهم أخذه واستأثر به.
وقيل: الدولة: ما يتداول، كالغرفة: اسم ما يغترف، يعني: كيلا يكون الفيء شيئًا يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاورونه فلا يصيب الفقراء. والدولة- بالفتح-: بمعنى التداول، أي: كيلا يكون ذا تداول بينهم، أو كيلا يكون إمساكه تداولا بينهم، لا يخرجونه إلى الفقراء، وقرئ:(دولة) بالرفع على (كان) التامة كقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] يعني كيلا تقع دولة جاهلية ولينقطع أثرها، أو كيلا يكون تداول له بينهم، أو كيلا يكون شيء متعاور بينهم غير مخرج إلى الفقراء. {ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} من قسمة غنيمة أو فيء {فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ} عن أخذه منها
وقوله:{بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ} يجوز أن يكون صفة لـ {دُولَةً}، وأن تكون متعلقة: أي: تداول بين الأغنياء منكم. وقال الزجاج: الدولة بالضم: اسم الشيء الذي يتداول، وبالفتح: الفعل والانتقال من حال إلى حال.
قوله:(من عز بز)، الميداني: أي: من غلب السلب، قالت الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى يتقى .... إذ الناس إذ ذاك من عزبزا