{مِّن لِّينَةٍ} بيان لما قطعتم. ومحل {مَا} نصب بـ {قَطَعْتُم}، كأنه قال: أي شيء قطعتم، وأنث الضمير الراجع إلى {مَا} في قوله: {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} لأنه في معنى اللينة. واللينة: النخلة من الألوان، وهي ضروب النخل ما خلا العجوة والبرنية، وهما أجود النخيل، وياؤها عن واو
قوله:(إن نجوا من عذاب الدنيا لم ينجوا من عذاب الآخرة)، يريد بعذاب الدنيا القتل والسبي.
فإن قلت: هذا يؤذن أن الجلاء أدون حالًا من القتل، وأنه ليس بعذاب، وقد قال هاهنا أنه أشق عليهم من الموت وأنشد في البقرة:
لقتل بحد السيف أحسن موقعًا .... على النفس من قتل بحد فراق
قلت: لا شك أن جعل الجلاء أشد من القتل من باب الادعاء، وإلحاق الناقص بالكامل، وأما قوله:"ولهم سواء أجلوا أو قتلوا عذاب النار"، فبيان للفرق بين التركيبين، أعني قوله:{ولَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} وقوله: {ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّار}، وأن الأول امتناعي لا ثبات له كالشرط، قال في سورة يوسف:"لولا، وجوابها في حكم الشرط"، والثاني جملة اسمية قطعية، لكنه أهمل بيان فائدة تقديم الخبر على المبتدأ من الاختصاص، وأن المعنى: أنهم مخصوصون بهذا الحكم لكونهم شاقوا الله ورسوله، فيعلم منه أن من لم يشاق الله ورسوله حكمه مباين لهذا.