وتوبيخًا وتشهيرًا بحالهم، يتمنون عنده المسارعة بهم إلى النار، لما يلحقهم من الخزي على رؤوس الأشهاد، {أَحْصَاهُ اللَّهُ} أحاط به عددًا لم يفته منه شيء، {ونَسُوهُ} لأنهم تهاونوا به حين ارتكبوه، لم يبالوا به لضراوتهم بالمعاصي، وإنما تحفظ معظمات الأمور.
{مَا يَكُونُ} من (كان) التامة، وقرئ بالياء والتاء، والياء على أن النجوى تأنيثها غير حقيقي و {مِن} فاصلة؛ أو على أن المعنى ما يكون شيء من النجوى، والنجوى: التناجي، فلا تخلو إما أن تكون مضافةً إلى ثلاثة، أي: من نجوى ثلاثة نفر. أو موصوفةً بها، أي: من أهل نجوى ثلاثة، فحذف الأهل. أو جعلوا نجوى في أنفسهم مبالغةً، كقوله تعالى:{خَلَصُوا نَجِيًّا}[يوسف: ٨٠] وقرأ ابن أبي علبة: (ثلاثةً وخمسةً)، بالنصب على الحال بإضمار"يتناجون"؛ لأن {نَجْوَى} تدل عليه، أو على تأويل {نَجْوَى} ب"متناجين"، ونصبها من المستكن فيه.
قوله: ({مَا يَكُونُ}، من "كان" التامة، وقرئ بالياء والتاء)، قال ابن جني: بالتاء: أبو جعفر وأبو حية، والتذكير الذي عليه العامة هو الوجه، لما فيه من الشياع وعموم الجنسية، كقولك: ما جاءني من امرأة، وما حضرني من جارية، وأما التأنيث فلاعتبار اللفظ، كما تقول: ما قامت امرأة ولا حضرت جارية، و {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ}.
قوله:(ونصبها)، بالجر عطف على "تأويل"، أو بالرفع فهو مبتدأ، خبره "من المستكن"،