بهواكم وشهوتكم، ليس لكم من الله على صحة تسميتها برهان تتعلقون به. ومعنى {سَمَّيْتُمُوهَا} سميتم بها، يقال: سميته زيدًا، وسميته بزيد. {إن يَتَّبِعُونَ} -وقرئ بالتاء- {إلاَّ الظَّنَّ} إلا توهم أن ما هم عليه حق، وأن آلهتهم شفعاؤهم، وما تشتهيه أنفسهم، ويتركون ما جاءهم من الهدى والدليل على أن دينهم باطل.
{أَمْ لِلإنسَانِ مَا تَمَنَّى} هي أم المنقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار، أي: ليس للإنسان ما تمنى، والمراد طمعهم في شفاعة الآلهة، وهو تمن على الله في غاية البعد، وقيل: هو قولهم: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}[فصلت: ٥٠] وقيل: هو قول الوليد بن المغيرة {لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}[مريم: ٧٧] وقيل: هو تمني بعضهم أن يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم.
{فَلِلَّهِ الآخِرَةُ والأُولَى} أي هو مالكها، فهو يعطي منهما من يشاء ويمنع من يشاء، وليس لأحد أن يتحكم عليه في شيء منهما.
خالقًا رازقًا عالمًا مثيبًا ومعاقبًا، وإليه الإشارة بقوله:"سميتموها بهواكم وشهوتكم". وفي "الكبير": وقيل: أي قلتم عزى ولا عزة لها، وقلتم: إنها آلهة، وليست بآلهة.
قوله:(والدليل على أن دينهم باطل) عطف تفسيري على الهدى، وإنما جعله دليلًا وسلطانًا على بطلان دينهم لأنه مجلوب لقوله:{مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ}[يوسف: ٤٠]. أي: ما لهم من دليل قط، ما يتبعون إلا شهوات الأنفس، والحال أن جاءهم دليل قاطع وسلطان قاهر على بطلان ما هو عليه، فيكون قوله:{ولَقَدْ جَاءَهُم} حالًا مقررة لجهة الإشكال.