{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ} الذين تخلفوا عن الحديبية: {إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ} إلى غنائم خيبر. {أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} - وقرئ:"كلم الله"-: أن يغيروا موعد الله لأهل الحديبية، وذلك أنه وعدهم أن يعوّضهم من مغانم مكة مغانم خيبر، إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئًا. وقيل: هو قوله تعالى: {لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٣].
{تَحْسُدُونَنا} أن نصيب معكم من الغنائم، قرئ بضم السين وكسرها، {لا يَفْقَهُونَ} لا يفهمون إلا فهمًا {قَلِيلًا}، وهو فطنتهم لأمور الدنيا دون أمور الدين، كقوله:{يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا}[الروم: ٧].
الآية، على أن يقدر له ما يقابله من قوله: ومن آمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للمؤمنين الجنان، فلا يقيد شيء منه؛ ليؤذن بالتصرف التام، والمشيئة النافذة، والغفران الكامل، والرحمة الشاملة.
قوله:(أن يغيروا موعد الله): تفسير لقوله: {أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}، وقوله:"وقرئ: كلهم الله": معترض بين التفسير والمفسر، وقوله:"قيل: هو قوله تعالى: {قُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} " عطف على قوله: "يغيروا موعد الله لأهل الحديبية".
و"كلم الله": هي قراءة حمزة والكسائي، والباقون:{كَلامَ اللَّهِ}.
وفي القول الثاني نظر؛ لأن قوله:{قُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا}[التوبة: ٨٣]: نازل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين، وكانت تلك الغزوة في رجب سنة تسع، وغزوة الحديبية في سنة ست، كما ذكره ابن الجوزي في "الوفا".