الأوهام هينة عليه هوانًا لا يوصل السامع إلى الوقوف عليه إلا إجراء العبارة في مثل هذه الطريقة من التخييل، ولا ترى بابًا في علم البيان أدق ولا ألطف من هذا الباب، ولا أنفع وأعون على تعاطي تأويل المشتبهات من كلام الله في القرآن وسائر الكتب السماوية وكلام الأنبياء، فإن أكثره وعليته تخييلات قد زلت فيها الأقدام قديمًا، وما أتي الزالون إلا من قلة عنايتهم بالبحث والتنقير، حتى يعلموا أن في عداد العلوم الدقيقة علما لو قدروه حق قدره لما خفي عليهم أن العلوم كلها مفتقرة إليه وعيال عليه؛ إذ لا يحل عقدها الموربة، ولا يفك قيودها المكربة إلا هو، وكم آية من آيات التنزيل وحديث من أحاديث الرسول قد ضيم وسيم الخسف بالتأويلات الغثة، والوجوه الرثة؛ لأن من تأول ليس من هذا العلم في عبر ولا نفير، ولا يعرف قبيلًا منه من دبير. والمراد بالأرض: الأرضون السبع،
الجوهري: الكرب: الحبل الذي يشد في وسط العراقي، ثم يثنى، ثم يثلث، ليكون هو الذي يلي الماء، فلا يعفن الحبل الكبير، تقول منه: أكربت الدلو فهي مكربة.
قوله:(في عبر ولا نفير)، المثل:"في العبر ولا في النفير"، يريدون ب"العبر": عير أبي سفيان، وبـ"النفير": الذين نفروا إلى قتاله صلى الله عليه وسلم، فكل من تخلف عنهما قالوا فيه ذلك.
يضرب لمن لا يصلح لمهمة. وسبق في "الأنفال" بيانه مستوفى.
قوله:(ولا يعرف قبيلًا من دبير)، قال الميداني: القبيل: ما أقبل به من الفتل على الصدر، والدبير: ما أدبر عنه. الجوهري: القبيل: ما أقبلت به المرأة من غزلها حين تفتله. وقال الأصمعي: هو مأخوذ من الشاة المقابلة والمدابرة؛ فالمقابلة: التي شق أذنها [إلى] قدام،