للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جعلو لله الإناث ولأنفسهم الذكور في قولهم: الملائكة بنات الله، مع كراهتهم الشديدة لهن، ووأدهم، واستنكافهم من ذكرهن. ولقد ارتكبوا في ذلك ثلاثة أنواع من الكفر؛ أحدها: التجسيم؛ لأن الولادة مختصة بالأجسام. والثاني: تفضيل أنفسهم على ربهم حين جعلوا أوضع الجنسين له وأرفعهما لهم: كما قال: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف: ١٧]، {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨].

والثالث: أنهم استهانوا بأكرم خلق الله عليه وأقربهم إليه؛ حيث أنثوهم، ولو قيل لأقلهم وأدناهم: فيك أنوثة، أو شكلك شكل النساء؛ للبس لقائله جلد النمر، ولانقلبت حماليقه، وذلك في وأهاجيهم بين مكشوف، فكرر الله سبحانه الأنواع كلها في كتابه مرات، ودل على فظاعتها في آيات: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: من وجه كونه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما، وأنه مناف للمجانسة كما تقرر في قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: ١٠١].

قوله: "عن وجه القسمة الضيزى" وهي من ضاز حقه يضيزه ضيزا، بخسه ونقصه. قوله تعالى: {قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: ٢٢] أي: جائزة، وهي فعلى مثل طوبى وحبلى، وإنما كسروا الضاد لتسلم الياء؛ لأنه ليس في كلامهم فعلى صفة، وإنما هو من بناء الأسماء كالشعرى والدفلى. وقال الفراء: بعض العرب تقول: ضأزى بالهمز. وحكى أبو حاتم عن أبي زيد أنه سمع بعض العرب يهمز الضيزى.

قوله: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} قال: أو يجعل للرحمن من الولد من هذه الصفة المذمومة صفته وهو أنه يتزين في الزينة والنعمة؟ وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم ومجاراة الرجال كان غير مبين لضعف عقول النساء ونقصانهن عن فطرة الرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>