وما بقيت من اللذات إلا .... أحاديث الكرام على المدام
فيقبل بعضهم على بعض {يَتَسَاءَلُونَ} عما جرى لهم وعليهم في الدنيا، إلا أنه جيء به ماضيًا على عادة الله في أخباره. وقرئ:{لَمِنَ المُصَدِّقِينَ} من التصديق، و (من المصَّدِّقين) مشدد الصاد، من التصدق.
وقيل: نزلت في رجل تصدق بماله لوجه الله، فاحتاج فاستجدى بعض إخوانه؛ فقال: وأين مالك؟ قال: تصدقت به ليعوضني الله به في الاخرة خيرًا منه، فقال: أئنك لمن المصدقين بيم الدين؟ أو من المتصدقين لطلب الثواب؟ والله لا أعطيك شيئًا. {لَمَدِينُونَ}: لمجزيون، من الدين؛ وهو الجزاء. أو: لمسوسون مربوبون. يقال:
قوله:(وقرئ: {لَمِنَ المُصَدِّقِينَ}) بتشديد الدال: المشهورة، وبتشديد الصاد والدال: شاذة، قال الزجاج: المصدقين، خفيفة الصاد، من: صدّقت فأنا مصدق، ولا يجوز بتشديدها؛ لأن المصدِّين الذين يعطون الصدقة، والمصدقين الذين لا يكذبون. يريد: أن معنى التصدق غير مناسب لقوله: {أَئِذَا مِتْنَا وكُنَّا تُرَابًا} بل هو مناسب للتصديق ملائم له، فالمعنى: كان لي قرين يقول: إنك ممن يصدق بالبعث بعد أن يصير ترابًا وعظامًا، فأحب قرينه المسلم أن يراه بعد أن قيل له:{هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ} أي: هل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار؟ فاطلع المسلم فرأى قرينه الذي كان يك ١ ب بالبعث في وسط الجحيم.
قلت: هذا تقرير حسن ملائم للنظم، ويؤيده ما رواه محيي السنة: هما اللذان قص الله خبرهما في الكهف {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ}[الكهف: ٣٢] يقول: أئنك لمن المصدقين بالبعث؟
قوله:(فاستجدى) أي استعطى، الجوهري: الجدا: العطية، والجدوى: مثله.