للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألم تعلم مسرحي القوافي … فلاعيّا بهنّ ولا اجتلابا

فهل يجوز أن يكون مكانا؟ قلت: نعم. معناه ما حصل من الأموات في بطون الطير والسباع، وما مرّت به السيول فذهبت به كل مذهب، وما سفته الرياح فطرحته كل مطرح. فإن قلت: ما العامل في "إذا"؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (ألم تَعْلَمْ مُسَرَّحيَ)، البيت: ((مُسَرَّحي)): سرَّح القومُ الإبلَ: إذا أرسلوها في في المرعى.

مُسَرَّحي، أي: تسريحي، فلا أعيا بهِنَّ إعياءً، ولا أجتَلِبُهُنَّ اجتلابًا، أي: انتحالاً.

قولُه: (ما العاملُ في ((إذا))؟ )، قال الزجاج: في هذه الآيةِ نظرٌ لطيف، وهو أنَّ ((إذا)) في موضعِ نَصْبٍ بـ {مُزِّقْتُمْ} ولا يَعملُ فيها {جَدِيدٍ} لأنّ ما بعْدَ ((أنّ)) لأنّ ما بعْدَ ((أنّ)) لا يَعملُ فيما قَبْلَها. المعنى: هل ندلُّكم على رجلٍ يقولُ لكم: إنكم إذا مُزِّقتُم تُبعثون، ويجوزُ أن يكونَ العاملُ مُضمرًا يدلّ عليه {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}. المعنى: هل ندلّكم على رجلٍ يقولُ لكم: إذا مُزِّقْتم بُعِثْتُم، إنكم في خَلْقٍ جديد كقوله تعالى: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [المؤمنون: ٨٢].

وقال أبو البقاء: لا يجوزُ أن يعملَ فيها {مُزِّقْتُمْ} لأنّ ((إذا)) مُضافةٌ إليه.

وقال الزجاج: ((إذا)) حينئذٍ بمنزلة ((إنْ)) الجزاء يعملُ فيها الذي يليها. قال قيس بن الخَطيم:

إذا قَصُرَتْ أسيلفُنا كان وَصْلُها … خُطانا إلى أعدائنا فنُضارِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>