فهل يجوز أن يكون مكانا؟ قلت: نعم. معناه ما حصل من الأموات في بطون الطير والسباع، وما مرّت به السيول فذهبت به كل مذهب، وما سفته الرياح فطرحته كل مطرح. فإن قلت: ما العامل في "إذا"؟
قولُه:(ألم تَعْلَمْ مُسَرَّحيَ)، البيت:((مُسَرَّحي)): سرَّح القومُ الإبلَ: إذا أرسلوها في في المرعى.
مُسَرَّحي، أي: تسريحي، فلا أعيا بهِنَّ إعياءً، ولا أجتَلِبُهُنَّ اجتلابًا، أي: انتحالاً.
قولُه:(ما العاملُ في ((إذا))؟ )، قال الزجاج: في هذه الآيةِ نظرٌ لطيف، وهو أنَّ ((إذا)) في موضعِ نَصْبٍ بـ {مُزِّقْتُمْ} ولا يَعملُ فيها {جَدِيدٍ} لأنّ ما بعْدَ ((أنّ)) لأنّ ما بعْدَ ((أنّ)) لا يَعملُ فيما قَبْلَها. المعنى: هل ندلُّكم على رجلٍ يقولُ لكم: إنكم إذا مُزِّقتُم تُبعثون، ويجوزُ أن يكونَ العاملُ مُضمرًا يدلّ عليه {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}. المعنى: هل ندلّكم على رجلٍ يقولُ لكم: إذا مُزِّقْتم بُعِثْتُم، إنكم في خَلْقٍ جديد كقوله تعالى:{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[المؤمنون: ٨٢].
وقال أبو البقاء: لا يجوزُ أن يعملَ فيها {مُزِّقْتُمْ} لأنّ ((إذا)) مُضافةٌ إليه.
وقال الزجاج:((إذا)) حينئذٍ بمنزلة ((إنْ)) الجزاء يعملُ فيها الذي يليها. قال قيس بن الخَطيم:
إذا قَصُرَتْ أسيلفُنا كان وَصْلُها … خُطانا إلى أعدائنا فنُضارِبِ