أولى من الأجنبي إلا في الوصية، تريد: أنه أحق منه في كل نفٍع من ميراث وهبةٍ وهدية وصدقة وغير ذلك، إلا في الوصية. والمراد بفعل المعروف: التوصية؛ لأنه لا وصية لوارٍث، وعدى تفعلوا بـ"إلى"، لأنه في معنى: تسدوا وتزلوا، والمراد بالأولياء: المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين. (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر في الآيتين جميعًا. وتفسير الكتاب: ما مر آنفًا، والجملة مستأنفة كالخاتمة لما ذكر من الأحكام.
المعروفَ بالوصيّة وجعَلَها من جُملة المُنتفَعِ به، وعنى بقَوْلِه:{كِتَابِ اللَّهِ} اللوحَ أو الموحى، وبـ {أَوْلِيَائِكُم} نفْسَ أُولي الأرحام، وَضْعًا للمُظْهَرِ موضِعَ المُضْمَرِ، ليصحَّ أن يكونَ الاستثناءُ متصلاً، وأما لو أُريدَ بـ {أَوْلِيَائِكُم} المؤمنون والمهاجرونَ، ويكونُ ((المعروفُ)) مُجرًى على عمومهِ، فالظاهرُ أن يكونَ الاستثناءُ منقطعًا.
وعن بعضِهم: وهو استثناءٌ مُنْقَطع، وخبرُه محذوفٌ، ومعناه: لكنّ فعْلَكم إلى أوليائكم معروفًا جائز، ولا يكون على وجه نهاه الله عنه ولا أذن فيه. قال مكي وأبو البقاء: الاستثناء منقطع، والمعنى: أُولوا الأرحامِ أولى من المؤمنينَ والمهاجرين في كتابِ الله، أي: في الميراثِ، لكنْ إذا أردْتُم ابتداءَ المعروفِ إليهم: أي: إلى المؤمنينَ والمُهاجرين. والأول الوَجْه.
قولُه:(وتُزْلوا)، الجوهري: أزلَلْتُ إليه نعمةً: أسدَيْتُها، وأزللْتُ إليه مِنْ حَقِّه شيئًا؛ أي: أعطَيْت.
قولُه:({ذَلِكَ} إشارةٌ إلى ما ذُكِرَ في الآيَتيْن) أي: في قولِه: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} الآية، وقولِه {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ}.
قولُه:(وتَفْسيرُ الكتابِ)، أي: الكتابِ المذكورِ في قولِه: {فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}، وقد مرَّ في قوله تعالى:{فِي كِتَابِ اللَّهِ} في اللوحِ إلى آخره، ثم الجملةُ كالخاتمةِ أي: كالتتميمِ أو التذييلِ لِما سبَق، ومن ثمَّ شرعَ في مَشْرَعٍ آخر وهو قولُه:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ}.