لأنها علامة لا تحذف. ومعنى (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها): بورك من في مكان النار، ومن حول مكانها. ومكانها: البقعة التي حصلت فيها وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى: (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ)[القصص: ٣٠] وتدل عليه قراءة أبي: "تباركت الأرض ومن حولها". وعنه:"بوركت النار"، والذي بوركت له البقعة، وبورك من فيها وحواليها حدوث أمر ديني فيها: وهو: تكليم الله موسى واستنباؤه له وإظهار المعجزات عليه، وربّ خير يتجدّد في بعض البقاع،
وقال أبو البقاء:{أَنْ بُورِكَ} هي مخففةٌ من الثقيلة، وجاز ذلك من غير عوض، لأن {أَنْ بُورِكَ} دعاء، والدعاء مخالفٌ غيره في أحكامٍ كثيرة.
وقال صاحب "الكشف": التقدير: أنه بورك، ولم يأت بعوضٍ، كما في قوله:{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}[الأعراف: ٩٢] وقوله: {أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا}[الجن: ٢٨]، لأنه دعاء.
قوله:(ويدل عليه قراءة أبي)، أي: تدل على أن معنى {بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ}[النمل: ٨] بورك من في مكان النار، إظهار الأرض في هذه القراءة، فإن هذه القراءة الشاذة ليست في الدلالة أقل من تفسير مفسر.
قال ابن جني: تبارك: تفاعل من البركة، وهو توكيدٌ لمعناه، كقولك: تعالى الله، فهو أبلغ من: علا كما أن "اعشوشب" أبلغ من: أعشب، وذلك لكثرة الحروف.
وعن بعضهم: وإسناد التبارك إلى الأرض كإسناد التعالي إلى الضوء في قول المعري:
نشأن كضوء البارق المتعالي … ببغداد وهنا ما لهن ومالي؟