ومحل (أَنْ عَبَّدْتَ) الرفع؛ عطف بيان لـ (تِلْكَ)، ونظيره قوله تعالى:(وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ)[الحجر: ٦٦]. والمعنى: تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها علي! وقال الزجاج: ويجوز أن يكون (أَنْ) في موضع نصب، المعنى: إنما صارت نعمة علىّ لأن عبدت بني إسرائيل، أي: لو لم تفعل ذلك لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم.
[(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)].
لما قال له بوّابه: إن هاهنا من يزعم أنه رسول رب العالمين قال له عند دخوله: (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)؟
قوله:(ومحل {أَنْ عَبَّدْتَ} الرفع، عطف بيانٍ لـ {تِلْكَ})، فالتقدير: تعبيدك بني إسرائيل نعمةٌ تمنها علي، يعني: تمن علي بتربيتك إياي، وفي الحقيقة تعبيد بني إسرائيل أدى إلى تربيتي، وكان امتنانك علي بقولك:{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} امتناناً علي بتعبيد بني إسرائيل، فأطلق السبب، وأريد المسبب إيجازاً، وإليه الإشارة بقوله:"لأن تعبيدهم، وقصدهم بذبح أبنائهم، هو السبب في حصوله عنده". قال محيي السنة: الكلام متضمن للإنكار، أي: كيف تمن علي بالتربية وقد عبدت قومي؟ ومن أهين قومه ذل، فتعبيدك بني إسرائيل قد أحبط إحسانك إلي.
قوله:(ويجوز أن يكون {أَنْ} في موضع نصب)، فالمشار إليه حينئذٍ معنى قوله تعالى:{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا}، والإخبار على ظاهره، وإليه الإشارة بقوله:"لو لم تفعل ذلك لكفلني أهلي".
قوله:(لما قال له بوابه: إن هاهنا من يزعم أنه رسول رب العالمين، قال له عند ذلك:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}؟ )، قلت: هذا نظمٌ مختلٌ لسبق المقاولة بينهم، كما أشار إليه: