أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صبّ في أذنيه البرم». فإن قلت: هلا ثني الرسول كما ثني في قوله: (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ)[طه: ٤٧]؟ قلت: الرسول يكون بمعنى المرسل، وبمعنى الرسالة، فجعل ثم بمعنى المرسل فلم يكن بدّ من تثنيته، وجعل هاهنا بمعنى الرسالة فجاز التسوية فيه - إذا وصف به - بين الواحد والتثنية والجمع، كما يفعل بالصفة بالمصادر، نحو: صوم، وزور. قال:
ألكنى إليها وخير الرّسو … ل أعلمهم بنواحي الخبر
فجعله للجماعة. والشاهد في الرسول بمعنى الرسالة قوله:
لقد كذب الواشون ما فهت عندهم … بسر ولا أرسلتهم برسول
قوله:(البرم)، ذكر صاحب "النهاية" الحديث، ثم قال: البرم: هو الكحل المذاب.
قوله:(وزور)، النهاية: الزور: الزائر، والأصل مصدرٌ وضع موضع الاسم، كصوم ونومٍ بمعنى صائم ونائم، وقد يكون الزور جمع زائرٍ كراكبٍ وركب. وفي نسخةٍ بدل "البرم": الآنك. وفسر بالبرم والمتبرم، ويروى الحديث بالثلاث، وهذه الصيغة صيغة الجمع كالأبحر، وصيغة الفرد شاذٌ فيه كالأسد والسرب، عجمة الآنك.
قوله:(ألكني) البيت، ألكني: أرسلني، والألوك: الرسالة، وقيل: تحمل رسالتي إليه وقيل: اجعلني رسولاً، والرسول فيه بمعنى الرسل لإضافة خبرٍ إليهم، ولقوله: أعلمهم.