جمع الله له الاستجابتين معا في قوله:(كَلَّا فَاذْهَبا)؛ لأنه استدفعه بلاءهم فوعده الدفع بردعه عن الخوف، والتمس منه الموازرة بأخيه فأجابه بقوله فَاذْهَبا، أي: اذهب أنت والذي طلبته وهو هارون. فإن قلت: علام عطف قوله: (فَاذْهَبا)؟ قلت: على الفعل الذي يدل عليه (كَلَّا)، كأنه قيل: ارتدع يا موسى عما تظنّ، فاذهب أنت وهارون. وقوله:(مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) من مجاز الكلام، يريد: أنا لكما ولعدوّكما كالناصر الظهير لكما عليه إذا حضر واستمع ما يجرى بينكما وبينه. فأظهركما وأغلبكما وأكسر شوكته عنكما وأنكسه. ويجوز أن يكونا خبرين لأنّ، أو يكون (مُسْتَمِعُونَ) مستقرا، و (مَعَكُمْ) لغوا. فإن قلت: لم جعلت (مُسْتَمِعُونَ) قرينة (مَعَكُمْ) في
قوله:(من مجاز الكلام)، أي: الاستعارة، بدليل قوله: كالناصر الظهير، حيث صرح بأداة التشبيه، وقد عرفت أن الاستعارة مجازٌ والعلاقة فيها: التشبيه.
قوله:(ويجوز أن يكونا خبرين)، إلى آخره، وعلى الأول: كان {مَعَكُمْ} حالاً من ضمير {مُسْتَمِعُونَ}، أي: مستمعون مشبهين بالناصر والظهير، والمراد بقوله:"مستقراً" أنه خبر "إن"، و {مَعَكُمْ} متعلقٌ به قدم عليه.
قوله:(لم جعلت {مُسْتَمِعُونَ} قرينة {مَعَكُمْ}؟ )، أي: مقارناً له في جعله مجازاً، أي: استعارة تمثيلية.