للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشرارتهم، ومن جهة ظلمهم لبني إسرائيل باستعبادهم لهم. قرئ: (ألا يتقون) بكسر النون، بمعنى: ألا يتقوننى فحذفت النون لاجتماع النونين، والياء للاكتفاء بالكسرة. فإن قلت: بم تعلق قوله: (أَلا يَتَّقُونَ)؟ قلت: هو كلام مستأنف أتبعه عز وجل إرساله إليهم للإنذار، والتسجيل عليهم بالظلم، تعجيبا لموسى عليه السلام من حالهم التي شنعت في الظلم والعسف، ومن أمنهم العواقب وقله خوفهم وحذرهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وشرارتهم)، الأساس: طارت من النار شرارةٌ وشررة، وتقول: كان أبوك نار شرارةٍ، وأنت منها شرارةٌ.

قوله: (هو كلامٌ مستأنف)، قال أبو البقاء: {أَلَا يَتَّقُونَ} يقرأ بالياء على الاستئناف، وبالتاء على الخطاب، والتقدير: يا قوم فرعون.

قوله: (أتبعه الله عز وجل إرساله)، أي: أتبع الله تعالى بقوله: {أَلَا يَتَّقُونَ} قوله: {ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وهو كلامٌ مشتملٌ على إرسال الله تعالى موسى عليه السلام إلى فرعون المسجل بقوله: {قَوْمَ فِرْعَوْنَ}، فقوله: "تعجيباً": مفعولٌ له لأتبعه، وذلك أنه تعالى لما قال: {ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} توطئةً، ثم بينه بقوله: {قَوْمَ فِرْعَوْنَ} تسجيلاً، ويتم عليهم ذلك المعنى بقوله: {أَلَا يَتَّقُونَ}، فهو كالتتميم للمعنى. وأما معنى التعجيب فكأنه قيل: يا موسى إما انتهى تماديهم في الظلم، وإما بلغ زمان إنذارهم وأوان تخويفهم بأيامي وعقابي فيتقون، ما أعجب حالهم في الظلم!

قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال في الغيبة: ائت قوم فرعون قائلاً قولي لهم: ألا يتقون، كقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: ١٨٦]، أي: فقل

<<  <  ج: ص:  >  >>