وقال سعيد بن المسيب ومكحولٌ: يبدل الله سيئاتهم التي عملوها في الإسلام حسناتٍ يوم القيامة، يدل عليه حديث أبي ذر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلم آخر رجلٍ يخرج من النار، يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، ويخبأ عنه كبارها، فيقال له: علمت يوم كذا وكذا وهو مقرٌ لا ينكر، وهو مشفقٌ من كبارها، فيقال: أعطوه مكان كل سيئةٍ حسنة، فيقول: إن لي ذنوباً ما أراها هاهنا". قال أبو ذر: فلقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه. رواه الترمذي. ورواه مسلمٌ أيضاً عن أبي ذر مع تغييرٍ فيه.
فهذه المعاملة مع من هو آخر الناس خروجاً من النار، فكيف بالمؤمن التائب الآتي بالأعمال الصالحة؟
وروى الإمام عن سعيد بن المسيب ومحكولٍ: تمحى السيئة ويثبت له بدلها الحسنة، لما ورد:"ليتمنين أقوامٌ أنهم أكثروا من السيئات"، قيل من هم؟ قال:"الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات"، ولا يبعد ذلك من حيث الدليل، فإن التائب النادم كلما تحسر على ذنبٍ صدر منه واستغفر الله تعالى لأجله أو خضع واستكان، نال من الزلفى من الله من الدرجات ما لا يناله بالطاعة.
ثم النظم يساعد هذا التأويل، فإن الإشارة بقوله:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} ما سبق من الشرك بالله، وقتل النفس المحرمة، والزنا، وقد ترتب عليه مضاعفة العذاب، والتخليد والإهانة، واستثنى من الوعيد المؤمن التائب الآتي بالأعمال الصالحة، فحينئذٍ لم يفد إذا عقب بقوله:{فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}، وفسر بمحو الذنوب وإثبات