مع قوله:(إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ)، وفيه تنبيه على خسة الشهوة، ولولا بقاء النسل لما أبيحت ونحوه في الاعتبار قوله تعالى:(فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ)[البقرة: ٢٤٩] أي فلم يطيعوه إلا قليلٌ منهم.
وقال أبو البقاء:(إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) في موضع نصب بـ (حَافِظُونَ) على المعنى أي: صانوها عن كل فرج إلا عن فروج أزواجهم.
وقال صاحب "الفرائد": الذي ألجأه إلى التطويل استعمال "على" في قوله: (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ)، ويمكن أن يقال: تقديره: لفروجهم حافظون في كل حال إلا في حال وقوعهم على أزواجهم.
الراغب: الحفظ تارةً يقال لهيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي إليه الفهم، وتارة لضبط الشيء في النفس ويضاده النسيان، وتارة لاستعمال تلك القوة، ويقال: حفظت كذا حفظاً ثم يستعمل في كل تفقد وتعهد ورعاية، قال تعالى:(وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر: ٩]، (وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ)[الأحزاب: ٣٥] كناية عن العفة: (حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء: ٣٤]، أي: يحفظن عهد الأزواج عند غيبتهم بسبب أن الله يحفظهن أن يطلع عليهن، (وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ)[ق: ٤]، أي: حافظ لأعمالهم، ومعناه: محفوظٌ لا يضيع.
قوله:(ما يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث)، المطلع: أجيرين مجرى غير العقلاء لنقصان عقلهن وعلمهن وامتهانهن في خساس الأمور وأنها تُباع وتشترى كسائر الحيوانات. وقال القاضي: وإفرادُ قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) بعد تعميم قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) لأن المباشرة أشهى الملاهي إلى النفس وأعظمها خطراً.