يعيش كما نعيش ويموت كما نموت. أو يقولوا: هلا كان ملكا لا يطعم ويخلد: إما معتقدين أن الملائكة لا يموتون. أو مسمين حياتهم المتطاولة وبقاءهم الممتدّ خلودا.
قولهم: إنه بشرٌ مثلنا يعيشُ كما نعيشُ، ويموتُ كما نموتُ، أن النبي يجب أن يكون خالداً كالملك، أو ردٌّ لما صرحوا به من قولهم: هلا كان ملكاً لا يطعم، ويخلد؟
قوله:(صدقني سن بكره)، قال الميداني: البكر: الفتيُّ من الإبل، يقال: صدقته الحديث، وفي الحديث، يُضربُ مثلاً في الصدق. أصله أن رجلاً ساوم رجلاً في بكرٍ، فقال: ما سنه؟ فقال: بازلٌ، ثم نفر البكر فقال صاحبه: هدع هدعْ، وهذه لفظةٌ يسكنُ بها الصغار من الإبل، فلما سمع المشتري هذه الكلمة قال: صدقني سن بكره، ونصب سن على معنى عرفني سنَّ، أو: صدقني خبر سنِّ، ثم حذف، ويُروى بالرفع، فجعل الصدق للسنِّ توسعاً.
الراغب: صدق قد يتعدى إلى مفعولين نحو قوله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ)[آل عمران: ١٥٢]، وصدقته؛ نسبته إلى الصدق، وأصدقته: وجدته صادقاً، وقيل: هما واحدٌ، ويقالان فيهما جميعاً، قال تعالى:(وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ)[البقرة: ١٠١]، ويستعمل التصديق في كل ما هو تحقيقٌ. يقال: صدقني فعله وكتابُه، قال الله تعالى:(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ)[البقرة: ٨٩]، والصداقة: صدقُ الاعتقاد في المودة، وذلك مختصٌّ بالإنسان، قال تعالى:(فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)[الشعراء: ١٠٠ - ١٠١].