للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعمد آناء الليل وأطراف النهار مختصا لهما بصلاتك، وذلك أن أفضل الذكر ما كان بالليل، لاجتماع القلب وهدو الرجل والخلو بالرب. وقال الله عز وجل (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا)] المزمل: ٦ [، وقال (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً)] الزمر: ٩ [، ولأنّ الليل وقت السكون والراحة، فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق، وللبدن أتعب وأنصب، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله. وقد تناول التسبيح في آناء الليل صلاة العتمة، وفي أطراف النهار صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار، إرادة الاختصاص، كما اختصت في قوله (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)] البقرة: ٢٣٨ [عند بعض المفسرين. فإن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وتعمد آناء الليل)، قال صاحب "المطلع": أي: بعض ساعات الليل، واحدها: أني، مثل: رحى، وإني: كمعي، وإني: كنحي.

قوله: (مختصاً لهما بصلاتك)، اعتبر في تقديم الظرف الاختصاص، وقدر "تعمدْ" لقرب معناهُ من قوله تعالى: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة: ٤٠] أي: إياي ارهبوا فارهبون، وأريد بالاختصاص: الاهتمام؛ لأنه ليس المراد: خصص هذين الوقتين بالصلاة دون غيرهما، ويجوز أن يراد الاختصاص، أي: تعمد هذين الوقتين بالفضل وخصص فضيلتهما على سائر الأوقات.

قوله: (وهدوء الرجل)، الجوهري: أتانا فلانٌ هدوءاً، أي: بعد نومه، وبعدما هدأ الناس، أي: ناموا، والرواية: "هدو الزجل" بالزاي والجيم المفتوحة: الصوت.

قوله: (عند بعض المفسرين)، وهو مجاهدٌ، لقوله في قوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) [البقرة: ٢٣٨]: الوسطى هي الفجر؛ لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل، وبيان التشبيه هو أن (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) تناول صلاة الفجر والظهر والعصر، و (وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ): صلاة العتمة، ثم جيء بقوله: (وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) فعُلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>